عبدالرحمن بن سعد الجبرين منذ قديم الزمان استخدم أطراف النزاع الحرب النفسية بمختلف أساليبها للنيل من معنويات كل منهما وإضعاف تماسكه، سواء على مستوى المقاتلين، أو حتى تلك الموجهة للجبهة الداخلية من المدنيين. قال تعالى: "الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم" وهذا أسلوب من أساليب الحرب النفسية وهو "الشائعة"، وذلك لإضعاف المعنويات عن طريق تهويل صورة العدو لبث روح الانهزامية، ولكن الإيمان بالله ثم الثقة بالنفس كفيلة بتحقيق الثبات والنصر؛ حيث يقول تعالى: "فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل، فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله". وفي قصة طالوت وجنوده يقول تعالى: "قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده"، فيأتي الرد من الواثقين بوعد الله ونصره، والذين لا تهزهم الشائعات والأراجيف: "كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله"، إلى أن قال سبحانه: "فهزموهم بإذن الله وقتل داوود جالوت وآتاه الله الملك". والأمثلة على ذلك كثيرة. ومن الأساليب المعاصرة في بث المعلومات التي تهدف إلى إضعاف الروح المعنوية ما قامت به قوات التحالف أثناء حرب تحرير الكويت عام 1991م من إلقاء منشورات من على متن الطائرات موجهة للجنود العراقيين؛ تتضمن طريقة الاستسلام والحصول على الأمان، والمعنى الضمني لهذه الرسالة أن الحرب انتهت بانتصار قوات التحالف، وألا سبيل للجندي العراقي سوى الاستسلام ولا غيره. ولئن كانت هذه الأساليب قد تقادمت؛ سواء الشائعة التي تطلق وتتناقل باللسان، أو تلك التي ترمى من الطائرات فتتفرق في الهواء والبراري ويتلقفها من يتلقفها من الجنود، إلا أن وسائل الحرب النفسية الحديثة باتت أقل كلفة، وأكثر تأثيراً، وأوسع انتشاراً؛ فمن خلال وسائل التواصل الاجتماعي أصبح بالإمكان الوصول إلى أفراد الجبهة الداخلية والخارجية على حد سواء، ولا حاجة لطائرات لإيصال هذه الرسائل، بل هو محتوى مؤثر يتم صياغته بعناية، ويتطوع الكثير من أبناء البلد السذج في نشر هذا المحتوى الخطير، والذي يؤثر في المعنويات مع اختلاف أساليبه، تارة يكون بتهويل أمر العدو وإظهار قوته المزعومة، وتارة بالتهوين من شأن قواتنا والحط من قدرهم واستعداداتهم، بالإضافة إلى تشويه صورة الوطن والمواطن من خلال التنميط التراكمي الخفي! إن وسائل التواصل الاجتماعي قد سهلت القيام بالحرب النفسية، وعظّمت أثرها، وباتت ثقة المواطن بربه ثم وطنه ووعيه وحصافته وكياسته هي السلاح الأول في مواجهة هذه الحرب وإبطال مفعولها، فلا ينبغي أن تنطلي عليه عبارة تثبيطية مغلفة بالنكتة! تحط من قدر العسكري السعودي، أو الوطن والمواطنين. فلا الدين الإسلامي ولا الوطنية والمروءة والأخلاق تسمح بأن ينشر الإنسان ما يسيء لوطنه وأهله، حتى وإن كان صدقاً، فكيف إذا كان أكاذيب مفبركة من عدو متربص.