تعوّد الجمهور في الوطن العربي على سماع الاغنية بشكل تقليدي وبسيط, يعتبرون هذا التوزيع الموسيقي, ضمن أدوات الطرب التي يسمعونها منذ القدم وتليق بهم, الا ان التطور وعلوم التكنلوجيا زادت امكانيات التوزيع وضخّ الالات الموسيقية بكثرة, على اعتبار انها تشبه إلى حد قريب فرق الاوركسترا ويستسيغها المستمع كتطور فريد في علم التوزيع. مع هذا الفتح الموسيقي الذي ساهم في تجاهل الركيزة الفنية للاغنية وبساطتها في تلقف الحس المباشر من الفنان للمستمع العادي, أصبحت معظم الاغاني في الخليج العربي "دربكة ودوشة وعددا هائلا من الالات الموسيقية" لايستطيع معها المستمع التمييز وتلقف القيمة اللحنية والاداء والكلمة, إذا ما اعتبرنا ان الاذن البشرية الطبيعية لا تستطيع السمع والتميز الا عن طريق خط فقط او خطين في نادر الاحوال, دون تداخل خطوط أخرى.! في أغنية عبدالمجيد عبدالله الاخيرة "انتحل شخصيتك", كلمات قوس، ألحان سهم, تؤكد على هذه النظرية, عندما استخدم معها آلة الكمان والبيانو والعود كخط واحد يعطي جمالاً للحن غلفها صوت عبدالمجيد عبدالله بكل وضوح, على فرضية انه توزيع تخت شرقي رغم اختلاف الادوات الموسيقية. على النقيض أتت أغنية راشد الفارس "ناوي" من كلمات بدر بن عبدالمحسن ولنفس الملحن "سهم", الذي تميز بتقديم تيمة فلكلورية جميلة واداء مذهلا من الفارس, لكنها كانت ربكة في التوزيع الموسيقي في تعدد الأدوات والتوزيع الغربي ودور "الريمكس" الذي ساهم نوعاً ما في مسح شخصية الأغنية, هذه الاغنية كانت تحتاج إلى ترتيب أو "بارتا" معينا لتكتمل وتصل إلى أذن المستمع بتلقائيتها وروحها التي بنيت عليه. لم تكن هذه الحالة الفنية موجودة بالسابق, كانت أم كلثوم في حفلاتها لاتهتم بعدد العازفين, الترتيب اولاً ثم يأتي صوتها كقائد فعلي لانغام الالات, ايضاً طلال مداح "انا راجع اشوفك" عندما قدمها كان يهتم بالبارت الموسيقي ووصول الادوات الموسيقية بشكل واضح مرتب وهي تنطبق على اعماله كلها, وكذلك محمد عبده "ليلة خميس" و "بادي الوقت"في زمن مجد الأغنية السعودية, وغيرهم كانوا يعتمدون على ترتيب العمل الفني دون تغريبه وتضخيمه, هذه الفكرة هي من ساهمت ايضاً بنجومية اسماعيل مبارك عندما قدم اغنية "شوق" كانت الادوات البسيطة مساعداً للوصول. عدد الادوات الموسيقية والدرامز وتغريب النغم و"الريمكس", يساهم بشكل مباشر في تشويه ومسح شخصية الملحن وابداعه, وربما تنطبق هذه على البوم النجم راشد الفارس رغم جمالية الالبوم وانتشاره, الا ان المستمع العادي لا يستطيع ان يسمع بوضوح ويطرب في ظل الفوضى بالآلات الموسيقية, هي نفس الفكرة في جديد جواد العلي "المهم" وتشويه العمل بالتوزيع "الهارمني" الذي حولها إلى مسخ لنغم سعودي "كلاسيكي". هذه الافكار في التوزيع الموسيقي ومسح قيمة اللحن بالتوزيع الموسيقي, هي من جعلت الناس يعيدون التساؤل:" متى تقدم لنا أغنية تحمل طابعنا وشخصيتنا الفنية؟" ويقصدون فيها بساطة التوزيع.!. عبدالمجيد عبدالله راشد الفارس