كما ذكرت في مقالين سابقين من أن دونالد ترامب سوف يتم انتخابه رئيساً لأميريكا لأن مواقفه تنسجم مع السياسة الاميركية الجديدة فهو يتحدث عنها بصوت مرتفع والتي بدأت بعض ملامح توجهاتها خلال السنوات الأخيرة. ولا شك ان هذه التوجهات الجديدة للسياسة الأميركية تحتاج الى تبني سياسات جديدة للتعامل معها من قبل الدول التي سوف تتأثر بها. وقد اثبت التاريخ عبر العصور أن اختلال توازن القوى يعتبر السبب الأول للتآمر والحروب ولهذا فإن إعادة توازن القوة في منطقة الشرق الأوسط أصبح ضرورة ذلك ان ميزان القوة قد اختل بصورة جوهرية بعد احتلال اميركا للعراق وإشعال الحرب في سورية خصوصاً ان ذلك يخدم التوسع الإيراني الذي يحظى بدعم إسرائيل وحزب الله. واذا كانت إيران وإسرائيل ومن يقف خلفهما ويخطط لهما يستهدفون المملكة ودول الخليج إعلامياً واقتصادياً وأمنياً وعسكرياً بصورة مكشوفة غير قابلة للّبس فإن هذا يتطلب مزيداً من الاستعداد ومضاعفة القوات الأمنية والعسكرية مع العمل على تغيير مواقع تمركزها بحيث تصبح جميع المعلومات التي لدى العدو عنها قديمة ليس هذا فحسب بل لا بد أن تملك دول الخليج القوة العلنية للردع والسرية لمفاجأة العدو ان هو تجرأ. ولا شك أن مضاعفة القوات العسكرية والأمنية عددياً له فوائد تصب في مصلحة رؤية 2030 من أهمها فتح فرص عمل امام الشباب وهذا يقضي على البطالة كما أن التجنيد يعتبر من أفضل الوسائل لتدريب الشباب على الضبط والربط والالتزام بالإضافة إلى مشاركتهم المباشرة في حماية مقدسات الإسلام في مكةالمكرمة والمدينة المنورة من الاستهداف الإيراني الحوثي الذي تحول من النظرية إلى التطبيق من خلال استهداف مكةالمكرمة بالصواريخ البالستية ناهيك عن حماية استقلال الوطن وحماية منجزاته وأمنه واستقراره وذلك أسوة بما يفعله إخوتهم المخلصون على الحد الجنوبي وفقهم الله. نعم إن كسر احتكار السلاح وعدم الاعتماد على مصادر السلاح الحالية اصبح أولوية قصوى خصوصاً أن تلك المصادر تستغل أبسط الأسباب والحجج لتعليق توريد السلاح وقطع غياره. وهذا يتطلب ان يتم تصنيع وصيانة قطع غيار السلاح الذي نملكه محلياً تمهيداً لتوطين صناعة السلاح خصوصاً ان الاعتماد على القدرات الذاتية يعتبر من أهم أسباب الردع ناهيك عن الصمود. ولعل من أهم مرتكزات الاستعداد والصمود الاهتمام بالأمن المائي والغذائي والدوائي فاستهداف هذا الثالوث او أحدها يعتبر من أهم استراتيجيات العدو لذلك فإن الحرص على تأمينها في كل الأوقات من خلال الخزن الاستراتيجي غير القابل للاستهداف آخذين بعين الاعتبار أن محطات تحلية مياه البحر هدف إستراتيجي للعدو يجب إيجاد بديل مساند له. إن الاستهداف يبدأ بالعادة إعلامياً لزرع بذور الفرقة من خلال التشكيك ثم اقتصاديا من أجل زرع التذمر وعدم الرضا ثم إيجاد المبررات للمقاطعة يلي ذلك الاستهداف أمنيا من خلال الإرهاب ومفرداته تمهيداً للوصول الى المواجهة العسكرية على المدى الطويل. الا ان كل ذلك يتحطم على ضخرة الإرادة الصلبة والاستعداد المسبق والتفاف الشعب حول قيادته وسد الثغرات التي يمكن أن يلج منها العدو لأن هذا بدون شك ينزع الفتيل من يد العدو. وكما يقول المثل الحكيم خصيم نفسه لأنه يعرف متى وكيف يتصرف وقت الأزمات. ولا شك أن دولتنا الفتية بقيادتها الحازمة لديها من مرتكزات الحكمة والقوة والمنعة ما يرهب الأعداء ويقض مضاجعهم ويقف حجر عثرة أمام تآمرهم وأطماعهم. والله المستعان.