التضاد في الاتجاه والعلاقة العكسية من التأثيرات برزت خلال الأسبوع المنتهي أمس الاول بين سوق المال الذي أظهر تحسناً في أسعار أسهمه مصحوباً بارتفاع لمؤشره العام، وبين النفط المتراجعة خلال الأيام الأخيرة الماضية، خاصة الأربعاء الماضي الذي هوت أسعاره بفعل ارتفاع المخزونات الأميركية بمستويات مضاعفة عن المتوقع. التأثير المباشر لأسعار النفط في كل نزول، كان يوازيه في فترة مضت خط مواز من الاتجاه لسوق المال، وذلك بفعل التوجه في اتخاذ القرارات الاستثمارية العاطفية من قبل المتعاملين والمستثمرين، والتي هي مبنية أساساً على المخاوف التي تراكمت تأثيراتها وهوت بالسوق المالية مستندة على الخشية من المزيد من التقلبات السعرية الحادة للسوق النفطية. ذلك التضاد في الاتجاه لم يظهر أمس لاسيما أنه أعقب أكبر تراجع للنفط سجل في يوم أمس الأول، ولو كان حاضراً في فترة مضت لما تعرضت سوق المال خلال عامين إلى انهيار بسبب تدهور أسعار النفط؛ حيث كانت خسائر القيمة السوقية للأسهم ضخمة جداً بلغت 624 مليار ريال في الفترة التي امتدت من نهاية شهر أكتوبر 2014 وحتى نهاية شهر اكتوبر2016، وهي في الواقع خسارة كان وقعها شديداً وأمرها محيراً ومؤلماً جداً. ما هو حاصل حالياً، هو تركز الأنظار على تقييم الفرص طبقاً لما تراجعت إليه المكررات الربحية للأسهم من أرقام ذات جاذبية، وبالتالي ضخ الأموال في عمليات شراء متزامن مع إغفال المستثمرين لأي مفعول سلبي تستأثر به التراجعات الحادة لأسعار النفط وتسيطر فيه على العواطف وتؤجج من خلاله المشاعر المحبطة وبالتالي إثارة الجزع في السوق. استخلاص العبر مما مضى من تدهور لسوق المال هو أهم ما سوف تتضمنه المرحلة المقبلة، وذلك لدرء الخسارة الضخمة التي تعرضت لها القيمة الاسمية للأسهم، ولعل من أهم العبر المستخلصة هو عدم الانجرار إلى سلوك القطيع ورفع الضغوط البيعية تحت تأثير المخاوف دون إمعان أو تأمل بالمستويات المغرية التي انخفضت إليها أسعار الأسهم. خلاصة ما أريد ذكره والإشارة إليه في هذه الصحيفة، هو أنه ليس للعواطف وحدها دور فيما ذكرت من خسائر جسيمة، بل يجب أن يعاد النظر في آلية التوازن المفقودة في السوق، وأقصد بها؛ إنشاء صانع حقيقي للسوق لضبط أدائه كسائر الأسواق المالية المتقدمة والناشئة، لأن عدم وجوده يعني أن السوق سوف تكون عرضة لعدم الاستقرار نظير كونها تحت سيطرة المستثمرين الأفراد، فهم النسبة الأكبر بكل ما تحمله القرارات العاطفية للكثير منهم من انعكاسات غير مفيدة.