هنالك كما تعلمون حروب غير تقليدية، مثل الحرب النفسية والأخرى الباردة وثالثة كلاميّة ورابعة اقتصادية وهكذا. هذه الأخيرة هي مدار حكاية اليوم. فقد كان التنافس بين التجار/الشركات فيما مضى ينحصر في كيفية جذب أكبر عدد ممكن من المشترين من خلال التفنن في الإعلان لترويج السلع والبضائع والمواد الغذائية التي يبيعونها ولم نسمع في يوم من الأيام عن قيام تاجر/شركة غذائية بأن يشكك الناس في سلامة مادة منافسة لهم وعدم صلاحيتها للاستهلاك الآدمي. لقد وصل تنافس بعض التجار/الشركات للأسف الشديد الى مرحلة الضرب من تحت الحزام كما يُقال من خلال ترويج معلومات مغلوطة تُربك المستهلك وتشككه في غذائه. يعتبر هذا السلوك شكلا من أشكال الحروب غير الشريفة التي يلجأ اليها البعض لارباك أفراد المجتمع وتشويش معلوماتهم حيال ما يتناولونه من طعام بل ربما أدّتْ هذه الحرب الى جرّ العامّة لمستنقع الوساوس والشكوك حيال سلامة ما تعودوا على استهلاكه من منتجات غذائية: لحوم، مياه معبأة، أجبان، عصائر وخلافه. يقوم بعض التجّار الخُبثاء باستئجار من يُمرر ويروّج بالنيابة عنهم معلومات مغلوطة في وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع الانترنت المفتوحة عن مُنتج غذائي (منافس لهم في الغالب) وأنه يسبب الأمراض المُستعصية أو يحتوي على مواد محظورة ثم يُسمي الشركة المنتجة أو المُستوردة باسمها ويقوم بتصوير ونشر العلامات التجارية وأشكال العبوّات فيتلقى العامّة من الناس تلك المعلومات على أنها حقائق فيقومون بدورهم إعادة ترويج ما تلقوه دون التثّبت أو التأكّد من صدقيتها. وأنتم بالتأكيد تعرفون بقيّة الحكاية. لنفترض حُسن نيّة من لديه شكوك حول سلامة مُنتج غذائيّ معيّن، أليس من باب الاحتياط وابراء الذمة قبل أن يقوم بنشر ما لديه من معلومات أن يستفسر عنها من هيئة الغذاء والدواء السعودية وهي الجهة المسؤولة والموثوقة عن تطبيق النظام الرقابي المستند على أسس علمية ويحقق مستويات عالية من سلامة الغذاء وجودته؟ بالمناسبة لديهم غرفة عمليات تتلقى البلاغات على مدار اليوم. بقي أن أقول بأننا حين نسمع مثل تلك الممارسات غير الشريفة يساورنا الشكوك في عروبة وإسلام أولئك الخبثاء فأينهم والتجّار الأوائل من المسلمين والعرب الذين أذهلوا شعوب آسيا وأفريقيا بتعاملاتهم النزيهة وأمانتهم فدخلوا في دين الله أفواجا إعجابا بذلك الدين الذي يرتقي بسلوك الانسان، وتعاملاته وأخلاقه. [email protected]