نحب الشتاء حينما تتلبد الغيوم، وتبدأ الأمطار في الهطول.. نحب رائحة الشتاء.. رائحة الحطب.. رائحة المطر.. نحب الشتاء حينما نجتمع جميعاً حول المدفأة، لنستمتع بمذاق المشروبات الساخنة، والتي تميز الشتاء ويشتهر بها، نحب الشتاء ولكننا لا نستعد له حتى يطرق أبوابنا، وتلفح وجوهنا نسماته الباردة، ونحس بقشعريرة برودته، أي بعد فوات الآوان.. وذلك بعد أن تقتحم رياح الشمال النوافذ والأبواب؛ لنهرع جميعاً إلى الأسواق والمحلات لنتفنن في اقتناء ملابس ومعاطف جديدة. نعم، نحب الشتاء وعلى الرغم من هذا الحب لا نستعد له كما يجب! حيث يعتقد الكثير بأن الاستعداد لموسم الشتاء يكون فقط بشراء الملابس، المعاطف والأغطية الصوفية، أو أجهزة تدفئة جديدة أو ربما يكون بتوفير حطب كافي لإشعال النار، ولا يمكن الجزم بأن هذا السلوك خاطئ ولكن يفتقد إلى ترتيب الأولويات وعليه كان من اللازم استعراض بعض الطرق الوقائية للاستعداد لموسم الشتاء. يهتم الكثير بشراء الملابس الشتوية الأنيقة دون النظر إلى جودة النسيج وتأثيره على صحة الجلد، فيعمد الناس لشراء المنسوجات الصوفية الثقيلة، حيث تحتك شعيرات الصوف بالجلد، وهو الأمر الذي يسبب تهيجا وحساسية في البشرة، ويزيد من الأمر سوءاً إذا كانت هذه الملابس مخزنة من الشتاء الماضي فقد ينمو عليها (العث)، لذلك يجب غسل ملابس الشتاء المخزنة سابقاً للتأكد من نظافتها لحماية البشرة، وتعتبر المنسوجات القطنية البديل الأفضل للوقاية من الحساسية وأمراض الجلد للصغار والكبار على حد سواء، ومع أول نسمات الشتاء يلجأ الناس إلى استخدام المدافئ بشتى أنواعها الكهربائية، الغازية، ومدفأة الكيروسين والزيت. إن أول نصيحة قبل استخدام أي مدفأة هي التأكد من سلامة الأسلاك الكهربائية، ولأولئك الذين يستخدمون المدفأة الغازية والتي تعتبر أخطر وسائل التدفئة، لا بد من التأكد من سلامتها وعدم وجود تسربات للغاز، أما إذا كنت تستخدم مدفأة الكيروسين فيجب عليك إشعال المدفأة خارج المنزل حتى تزول رائحة الدخان، وهذه الطرق الوقائية بسيطة ولها آثار صحية عديدة. ومن المعروف سابقاً أن الناس اعتادوا على توفير مؤونة الشتاء قبل الموسم بأشهر، ولاتزال تلك العادة مستمرة في كثير من البلدان العربية، ولا تعتبر هذه العادة مجرد تقليد اجتماعي فقط؛ بل سلوك صحي وقائي من شأنه رفع مناعة الجسم، ولا نقصد بتوفير المؤونة بمعنى تخزين الأطعمة، لكن على الأقل توفير الأغذية المفيدة قبل موسم الشتاء بشهر أو شهرين كالحمضيات (البرتقال والليمون)، القرفة، الزنجبيل، الثوم، الفلفل والعسل، فعلى سبيل المثال تناول الحمضيات يزيد من مناعة الجسم، وتلعب القرفة دوراً مهماً لعلاج نزلات البرد، أما العسل والفلفل يساعدان في علاج الانفلونزا واحتقان الحلق، والزنجبيل يعمل على إنتاج الطاقة وإمداد الجسم بالسعرات الحرارية الكافية، ومن جانب آخر يعتبر تناول الحليب ومشتقاته أمراً ضرورياً حيث يحتوي على فيتامينات تساعد في تحويل المواد الغذائية إلى طاقة، في المقابل، يكثر البعض من تناول بعض الأعشاب المغلية كالكركديه، الينسون والنعناع التي لا تحوي أي قيمة غذائية غير أنها تمنح الجسم الراحة النفسية، ما قد يساهم في مقاومة الإصابة بكآبة الشتاء، والجيد في الأمر أن الكثير يلجأون لشرب الشوكولاتة الساخنة والحليب مضافاً لبعض الأعشاب المذكورة سابقاً في موسم الشتاء لمنح الجسم الطاقة والدفء. ومع حلول فصل الشتاء تطرأ على أجسامنا تغيرات حيوية ونفسية، فيرى البعض الشتاء فصلاً بارداً كئيباً رمادياً بلا ألوان، فصل الكسل.. الجلوس.. الأكل بنهم وطلب الدفء، فتزداد السعرات الحرارية ما يسبب زيادة في الوزن، الشتاء لا يعني ارتداء المعطف والجلوس أمام المدفأة فممارسة الرياضة والأنشطة البدنية بشكل عام وسيلة فعالة لتدفئة الجسم، علاوةً على ذلك فإن القيام بالأنشطة البدنية المختلفة يساعد في تزويد الجسم بالطاقة ويعمل على تحسين نشاط الدورة الدموية، كما يلعب دوراً فعالاً في تعزيز مناعة الجسم وحمايتها من الفايروسات، وله دور آخر في تحفيز إفراز هرمون السعادة لتشعر بالرضا والراحة. فإذا كنا نحب الشتاء إذاً فلنستعد له على مهل.. ولنبدأ في ترتيب الأولويات ومعرفة الاحتياجات وفقاً لما يعزز من صحة أجسامنا، وإذا كنا نحب الشتاء إذاً علينا أن نحسن اختيار الملابس الشتوية التي تقي بشرتنا من الحساسية، ولنتناول الأغذية الصحية التي تزود أجسامنا بالطاقة والدفء، ولنمارس الرياضة في الخارج بنشاط وحيوية.. نحب الشتاء علينا ان نستقبله ونحن بصحة جيدة ونحافظ على النمط الصحي في أسلوب الحياة في هذا الفصل الجميل..! * قسم التثقيف الصحي