أكد إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ د. عبدالرحمن السديس أن من المعالم اللألاءة لمنهج أهل السنة والجماعة -رحمهم الله- شعيرة من أخص خصائصهم، بل سمة بارزة من سمات منهجهم الأغر، حتى نُسِبُوا إليها وعُرِفوا بها؛ إنها شعيرة لُزُوم الجماعة، وما تقتضيه مِن السَّمع والطاعة. وقال في خطبة الجمعة امس بالمسجد الحرام، إن من أعظم معالم المنهج السلفي، منهج أهل السنة والجماعة، التوسط والاعتدال في الأقوال والأعمال، ومَحْضُ الوسطية التزام هدي خير البرية صلى الله عليه وسلم ظاهرا وباطنا، واتباع هدي الخلفاء الراشدين المهديين، وسائر الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، والبُعد عن البِدَع والمحدثات، ومخالفة أهل الأهواء والضلالات، واقتفاء أثر السلف من الصحابة المهاجرين والأنصار؛ مبيناً أن التمسك بمنهج السلف الصالح لا ينافي الأخذ بالتجديد في وسائل وآليات العصر والإفادة من معطياته وتقاناته، في مواكبة للمعطيات والمكتسبات، ومواءمة بين الثوابت والمتغيرات والأصالة والمعاصرة. وأضاف الشيخ السديس أن مما يثير الأسى، أن نرى أقوامًا من أبناء المِلَّةِ، في أعقاب الزمن والخلف، قد فَرَّطُوا فيما كان عليه منهج السلف، فاستقوا كثيرًا من المَزَالّ، مِن مَشَارِبَ أهل الزَّيغ والضلال، وخالفوا الأسْلاَفَ النُّجَبَاء، وقذفوا بأنفسهم في مَرَاجِلِ الفِتَنِ العمياء، وزَجُّوا ببعض أبناء الأُمَّة إلى بُؤَرِ الفتن والصِّراع تحت راياتٍ عَمِيَّة، ودَعَوَاتٍ جاهلية، في بُعْدٍ واضح عن الاعتدال والوسطية، وتشويهٍ لشعيرة الجهاد في سبيل الله ذروة سنام الإسلام وضوابطه الشرعية، بل وأغروهم ببعض الأعمال الإرهابية، من تدميرٍ للممتلكات، وتفجيرٍ للمساجد والجامعات والمستشفيات، مخالفين صحيح المنقول، وصريح المعقول، ومنهج السلف المصقول، ودون مراعاة لِمَقَاصِدِ الشريعة ومآلاتها، والسياسة الشرعية وهداياتها. من ناحية أخرى، حذر إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف الشيخ د. علي الحذيفي، من المظالم والمآثم وتضييع الحقوق، مشددا على أنها من أسباب سوء الخاتمة، داعياً إلى الاتعاظ بمصيبة الموت التي لا ينجو منها أحد. وقال في خطبة الجمعة أمس من المسجد النبوي: حافظوا على أسباب حسن الخاتمة بإقامة أركان الإسلام الخمسة، واجتناب المآثم والمظالم، ومن أعظم الأسباب كثرة الدعاء، فالدعاء جماع الخير كله، ومن أسباب سوء الخاتمة عند الموت تضييع حق الله وحقوق الخلق، والإصرار على الكبائر والآثام، والاستخفاف بعظمة الله والركون إلى الدنيا ونسيان الآخرة. وأضاف: كل هم وعمل له أجل ينتهي إليه، فسبحان ربنا الذي جعل في كل قلب شغلا، وأودع في كل قلب هما، وخلق لكل أحد إرادة وعزما، يفعل إذا شاء، ويترك إذا أراد، وإرادة الله ومشيئته فوق كل إرادة ومشيئة، والموت غاية كل مخلوق على الأرض ونهاية كل حي في هذه الدنيا، وقد كتبه الله حتى على الملائكة، والموت ينقطع به متاع الدنيا ويرى بعده إما النعيم العظيم أو العذاب الأليم، والموت آية من آيات الله الدالة على قدرة الله عز وجل وقهره لمخلوقاته، والموت عدل من الله سبحانه تستوي المخلوقات فيه، يقطع اللذات وينهي من البدن الحركات ويفرق الجماعات، لا يمنعه بواب ولا يدفعه حجاب ولا يغني عنه مال ولا ولد ولا أصحاب.