الكثيرون استغربوا حفظ مشاهير "الإنشاد الاسلامي" كما يحبون ان يطلقوا على أنفسهم تجارياً لأغاني نجوم الغناء الخليجي وبطريقة متقنة في التقليد وخصوصاً الألحان، ومع تزايد هذه الظاهرة والتي أعجبني فيه تقرير لمدة دقائق محدودة عُرض على ال MBC مؤخراً، وقبل هذا التقرير كان لعدد من الزملاء فضح لهذه الظاهرة ولكن على استحياء احياناً، لذلك لا غرابة ان نجد انفسنا امام حالة واقعية من التناقض الذي نعيشه اجتماعياً منذ أكثر من ثلاثة عقود تقريبا. هذا التناقض افرز لنا مجتمعاً يهتم بالظاهر كثيراً، ويحجب الجوانب الجميلة داخله لأسباب اجتماعية أو دينية، فعند الحديث عن السينما مثلاً، تجد الكل معارضاً والكل يُظهر السلبيات، وتتفاجأ ان الغالبية منهم ومع عوائلهم عملاء دائمين لدور السينما في البحرين والكويت ودبي، وهذا واقع انا عايشت الكثير منه، وكذلك الحال مع الحفلات الغنائية، فكم من شخص يعارض الغناء ويذم المطربين، وتجده يبحث عنك في اشهر الحفلات الغنائية لكي تتوسط له ولأبنائه ليلتقطوا صورة مع المطرب او المطربة الذين لم يتخلَ عن أي كلمة لمهاجمتهم!. لنكن واقعيين، نحن مجتمع يميل للحياة وللترفيه وللمتعة، لا نستغرب انتشار اغاني محمد عبده او طلال مداح او حتى عبدالله بالخير بين اوساط الشباب والكبار، ولا يجب ان نكون قاسين على من حوروا اغانيهم لتناسب فئة من المجتمع فرضت مزاجها العام على التركيبة الثقافية والاجتماعية ببلدنا لظروف لا نجهلها وفي الوقت ذاته نحاول بشتى الطرق محاربتها، لأن هذا الحصار الذي بدأ مع ثورة الكاسيت مروراً بحفلات تحطيم الآلات الموسيقية، نجده الآن يتوقف وبأسلوب مضحك عند تشويه اشهر الأغاني بكلمات فيها اساءة للدين اكثر منها دعماً له، فغياب الابداع او المشروع والمنجز الغني ثقافيا عند هذه الفئة، ولد لنا جيلاً من السهولة ان ينقاد خلف اشخاص اتخذوا من مهنة الدعوة للتكسب والشهرة والأمثلة كثيرة في هذا المجال. نحن الآن في ظل هذه الموجه الجديدة نجدنا امام بداية الافلاس لمن يستغل العادات والدين لتحقيق شهرة زائفة، لم تعد حفلات التكسير للموسيقى وآلاتها محمسة، ولم تعد تحويرات اغنية "الاماكن" جاذبة، ولم تعد "يا علاية" ممتعة، فهنا نحن امام افلاس حقيقي، يجعل من المهم الالتفات للذائقة الشعرية والفنية التي وصلنا لها ولم نستمتع بها إلا خارجياً، مما جعل البعض يعتبر وبتفاخر ان من يبحث عن الغناء والسينما فهي في الخارج فقط، مما أثر ذوقياً وثقافياً علينا، وأصبحت السرقات تحت بند بدون موسيقى حلالاً ومباحة، وتشويه الأغاني الجميلة تحت مصطلح الإنشاد أمراً عادياً، فنحن حاليا أمام وضع مؤسف اذا استمر بهذه الصورة، سنجد انفسنا خاوين ثقافياً والأهم ذوقياً!.