حمد عبدالرحمن المانع القانون مرتبط بشكل أو بآخر بتحقيق العدالة وبالتالي فإن تحري الدقة والتثبت والتحقق أمر في غاية الأهمية، فضلاً عن اتساقه مع المنطق بكل أبعاده، في حين أن غياب هذه العوامل ستفقده مضمونه وتفرغه من محتواه ليبقى شكلاً أو بالأحرى جسراً لتمرير رؤى معينه بعيداً عن الإنصاف وبمعزل من حفظ الحقوق، إن الشمول والتعميم لاسيما في مجال الأحكام يتطلبان حرصاً وحكمة، ومن المعلوم بأن الأخلاق وسموها كقيمة إنسانية نبيلة تبرز مآثرها من خلال التعامل أياً كان نوعه سياسياً أم اقتصادياً أم غير ذلك، ويندرج الاحترام في إطار سمو الأخلاق كعنصر مؤثر في تنمية العلاقات وكقيمة تتكئ على حسن الظن والنية الحسنة من خلال التعامل وبناء علاقة حضارية خلاقة تنبذ العنف وتشتت الأحقاد وتزيل الكراهية كما هي رسالة السماء للإنسان بإعمار الأرض؛ الإنسان لا يؤخذ بجريرة غيره، بمعنى أن من ارتكب المخالفة لا يجوز بحال من الأحوال معاقبة غيره، لأن هذا يندرج في إطار الظلم والاعتداء ويُعد أمراً منافيا لكل الشرائع والقوانين المحلية والدولية، وقد علمنا ديننا الحنيف هذه الأسس السليمة، فقال الحق تبارك وتعالى في كتابه الكريم «وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى» فكانت الأديان السماوية تهذيباً للنفس ورفع مكانة الإنسان وإعلاء قدره وإرشاده إلى طريق الصواب، ويعتبر التضليل من الجوانب المكرسة لابتعاد الحقائق وتحويرها على نحو يستخف بالحس الإنساني النبيل ويجرده من قيمته المعنوية الجديرة بتلقي الحقائق كما هي، لم يكن المنطق إلا تقنيناً موضوعياً لفرضية القبول من عدمه وفي ضوء القناعة المطلقة بالحقوق معنوية كانت أم مادية وحتمية حفظها، في حين أن انتهاكها يخالف المنطق بأبعاده المتسقة مع الإطار الموضوعي للجوانب الإنسانية، المخطئ هو وحده من يتحمل تبعات خطأه وتحليل المواقف بصيغة تفتقر إلى البعد الأدبي والإنساني والمهنية الصادقة ولصق أعمال فردية بهذه الأمة أو تلك مقياس يعتريه الاختلال، إذ إن القياس على هذا الأساس لا يفتأ أن ينخر في العلاقة من تأليب وخلافه وفقاً لغياب المنهجية الموضوعية ونتيجة الافتقار للاستقراء الدقيق المتقن مما ينسحب حتماً على تأصيل الكراهية وما تخلفه من تراكمات سلبية تفضي إلى نشوء الاحتقان المعنوي، والذي من شأنه الإخلال بالأسس التي تُبنى في ضوئها العلاقات، فضلاً عن الجانب النفسي الفاقد للاستقرار حيال هذه العلاقة التي شابها التصور المجحف والمنقول بصورة تفتقر للحكمة والاتزان، كما أن من شأنه زعزعة الثقة لاتكائه على الأدلة الظنية، وعلى هذا الأساس يتوجب أن يكون الاستناد ثابتاً بالأدلة والبراهين المقنعة وهذه من الدعائم الرئيسة، ناهيك عن أهمية الحرص على استقاء المعلومات وتفسيرها على نحو صادق بعيداً عن التسخير لتحقيق مآرب نفعية أو المزايدة على العلاقة لخدمة فئة دون الأخرى أو التشويش لأغراض خاصة. إن أقسى ما يعانيه صاحب الفكر السليم هو سطوة الانحياز لتصورات لاترتقي حتى إلى فرضية الاحتمال، فالتجني على هذا المنوال ووفقاً لهذا التصور مجاف للعدالة بكل ما تعنيه من حفظ للحقوق، إن تحقيق أعلى حد للمعايير المنصفة مدعاة لتحقيق المصالحة مع الذات ومستوى الرضا عن الأداء بمعزل عن أي ضرر يلحق أي طرف ومراعاة جميع النواحي بعين العدل والإنصاف ومن واقع الالتزام بالمبادئ الداعمة لهذا الأمر، لترسم المصالح المشتركة الحدود الدقيقة اللائقة لمستوى العلاقة نحو عزة ورفعة الشعوب التي تتطلع للعيش الكريم وفق علاقة متينة متزنة جديرة بالاحترام والتقدير وفي إطار تعزيز الحصانة السيادية للدول.