الجيولوجيا أو علم الأرض هو علم يبحث في كل ما يتعلق بالأرض من حيث تركيبها الكيميائي والمعدني والصخري وخواصها الطبيعية والكيميائية والميكانيكية، بالإضافة إلى العمليات الداخلية والخارجية التي أثرت وتؤثر فيها منذ نشأتها الأولى. والواقع أن لعلم الأرض جانبين اساسيين: جانب فلسفي نظري يتعلق بالتعرف على ما حدث على الأرض من عمليات داخلية مثل البراكين والزلازل وغيرها وعمليات خارجية من تعرية وتجوية ونقل وترسيب لمكونات الأرض السطحية بالإضافة إلى التعرف على الكائنات التي تعيش عليها من نباتات وحيوانات منذ أقدم العصور، ودراسة الأرض نظرياً ومن مختلف الجوانب. أما الجانب الآخر فهو جانب عملي واقتصادي يشمل البحث والتنقيب والاستغلال لمصادر الطاقة والمعادن والمياه. ولا شك أن زيادة وعي المجتمع في معرفة وفهم العمليات الجيولوجية والموارد الأرضية سوف تزيد من أهمية علم الأرض وخاصة فيما يتعلق بالحفاظ على البيئة ومواردها الطبيعية. ويبرز دور علم الأرض في خدمة المجتمع بسبب الطلب المتزايد للطاقة والموارد الطبيعية والاستعمال الواسع للأرض والناتج عن الزيادة السكانية. فالطلب المتزايد للطاقة والذي يتضاعف باستمرار يحتاج إلى كميات إضافية من النفط والغاز والفحم الحجري والمعادن المشعة كمصادر أساسية لإنتاج الطاقة. ومن أجل الحصول على هذه الكميات الكبيرة من موارد الطاقة فإن هذا يستدعي استخدام طرق غير تقليدية في البحث عن الموارد الطبيعية على اليابسة وفي قاع البحار والمحيطات باستخدام الطرق الجيولوجية والجيوفيزيائية ووسائل الاستشعار عن بعد وغيرها من وسائل حديثة. كما أن الوعي الكامل للكوارث الطبيعية من زلازل وبراكين وانزلاقات أرضية وفيضانات... الخ سوف يساعد في تقليل المخاطر التي تهدد الإنسان في كثير من المناطق في العالم. كما أن كثافة المخاطر الجيولوجية وتأثير التنمية العمرانية يمكن أن تزيد من المشكلات البيئية ما يؤكد أهمية علوم الأرض في إجراء الدراسات البيئية والهيدروجيولوجية، ومراقبة المخاطر الجيولوجية وخاصة فيما يتعلق برصد الزلازل وغيرها من المخاطر الأخرى. ويمكن للجيولوجيين أن يقدموا كثيراً من الخدمات في مجال المحافظة على البيئة. فمثلاً يمكن من خلال دراسة التربة والصخور والمواقع والتراكيب الجيولوجية أن ننشئ مواقع الجسور والمنشآت الصناعية في أماكن معينة، بحيث لا تتعرض لأي كوارث طبيعية مثل الزلازل والبراكين والانزلاقات الأرضية. كما يمكن بدراسة مصادر المياه أن نتعرف على نوعياتها وصلاحيتها للشرب وبعدها عن أماكن التلوث. وبدراسة التربة والصخور والتراكيب الجيولوجية يستطيع الجيولوجيون اختيار الأماكن المناسبة لإقامة المدن من حيث قربها أو بعدها عن مناطق الكوارث الطبيعية وتوفر المياه وملائمة التربة للزراعة. كما يمكن من خلال شبكة من الأجهزة الحساسة توقع حدوث بعض الزلازل والبراكين، بالإضافة إلى الدراسات الخاصة بوقف زحف الرمال على المدن وشبكات الطرق الرئيسة. ولا شك بأن هيئة المساحة الجيولوجية السعودية، والتي أنشئت عام 1420ه (1999م) قد أسهمت في القيام بالعديد من مهام المسح الجيولوجي والجيوفيزيائي، والتنقيب عن المعادن والمياه. ولم يقتصر دور الهيئة على المسح والتنقيب فقط، بل امتد إلى دراسة وتوعية الجمهور بالمخاطر الطبيعية، مثلما حدث في منطقة العيص وما حولها من هزات أرضية. وقد أثبتت الهيئة وجودها في المتابعة والنصح والإرشاد لسكان تلك المنطقة، وتوعية الجمهور السعودي بالمخاطر الطبيعية. وسوف يترسخ مفهوم خدمة علوم الأرض للمجتمع من خلال وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية بالاضافة الى الجامعات في السنوات القليلة القادمة. إن علوم الأرض من العلوم المتطورة التي ستخدم الإنسان والمجتمع بشكل متميز في هذا القرن الحافل بالكثير من التحديات.