قوة المسدس لا تكمن في قدرتك على استعماله بل في علم الطرف الآخر أنك تحمله.. حتى المسدس البلاستيكي (الذي تخفيه تحت معطفك) سيمنحك ذات الأفضلية حتى يعرف عدوك أنه مزيف أو خالي من الرصاص.. وحين تراجع التاريخ ستعثر على معارك أوهم فيها الطرف الضعيف، الطرف القوي بامتلاكه أسلحة وجنودا (أكبر مما يملكه فعلا) فحقق انتصارا غير متوقع.. وتزوير الأسلحة (والإيهام بكثرة الجنود) من الخدع التي تضاهي في قوتها الأسلحة الحقيقية.. خذ كمثال ما فعله خالد بن الوليد في غزوة مؤتة حين كان جيش المسلمين لا يتجاوز الثلاثة آلاف مقاتل، مقابل مئتي ألف من الروم والغساسنة. فحين تلاحم الجيشان أدرك خالد أن جيشه سيباد ويُسحق ما لم يوهم جنود الروم بوصول إمدادات دائمة من الرجال والأسلحة.. وهكذا أمر بعض فرسانه بإثارة الغبار في مؤخره الجيش وتبادل الرايات والركض يمينا ويسارا بحيث ظن الرومان أنهم يقاتلون إمدادات لا تنتهي من الفرسان الواصلين من جزيرة العرب.. .. أيضا هناك القعقاع بن عمرو الذي قام بتقسيم قواته قبيل وصوله للقادسية إلى مجموعات تضم كل مجموعة مئة مقاتل طلب منهم الوصول في أوقات منفصلة وبصورة مستمرة الأمر الذي أوحي للفرس بأن إمدادات الجيوش الإسلامية لا نهاية لها.. أما أشهر خدعة في التراث الغربي فهي بدون شك حصان طروادة.. وطروادة مدينة غنية تقع في بحر إيجة (غرب تركيا) حاصرها الإغريق بعد أن خطف ملكها بيرس الحسناء (زوجة شقيق الملك).. وبعد عشر سنوات من الحصار السلبي صنع القائد اليوناني الجديد حصانا خشبيا مجوفا اخفى داخله مجموعة من الجنود الشجعان. ثم أمر جيشه الإغريقي بالانسحاب فخرج سكان طروادة وأدخلوا الحصان إلى مدينتهم كغنيمة فخرج منه الجنود وفتحوا الأبواب لجيشهم الذي عاد بسرعة واستولى على المدينة... .. أما في عصرنا الحديث فقد برع الروس خلال الحرب العالمية الثانية في تزوير الأسلحة وصناعة دبابات خشبية فارغة (يحملها الجنود على أكتافهم من الداخل).. وبهذه الطريقة أوهموا الجيوش الألمانية الغازية بامتلاكهم عددا أكبر من الأسلحة والمدرعات.. كما صنعوا نماذج خشبية من الطائرات المقاتلة (تربض على المدرجات) استهلكت قدرات الطيران الالماني الذي كان يقذفها بلا نهاية.. وحين أدرك الألمان طبيعة الخدع الروسية تحول الجيش الروسي إلى الجانب المقابل من الخدعة.. فقد كان يحشد جيوشا ومدرعات (حقيقية) ثم يسرب للألمان معلومات بأنها مجرد جيوش كرتونية مزورة.. ففي معركة كورسيك مثلا سربت القيادة الروسية معلومات مضللة بأن عدد الجنود أقل مما هو معلن وأن معظم الأسلحة والمدرعات مزيفة أو مصنوعة من الخشب.. فتقارير المخابرات العسكرية الألمانية كانت تفيد بوجود 400 ألف جندي روسي و1500 مدرعة حقيقية.. ولكن العدد الحقيقي كان 1,5 مليون مقاتل، و3200 مدرعة حقيقية، و3000 طائرات كانت تربض في مكان بعيد.. وبهذه الخدعة تمكن الروس ليس فقط من سحق الألمان بل ومطاردتهم غربا في سلسلة انتصارات انتهت بدخولهم برلين وتدمير مقر هتلر.. الحرب في النهاية خدعة، وحين تنفذ الخدعة بإتقان يصبح مسدسك البلاستيكي بقوة مسدسك الحقيقي..