عندما تمتد أكف الخوف لتقبض على أفئدة الناس، من السهل أن يصبح المستحيل ممكناً، والممكن واقعاً. في بيئة الحرب، وبين أجنحة الموت، تتضخم الإشاعة، تستحيل «مارداً» يظهر في كل مكان. في «زواريب» السياسة، وبين أزقة المؤامرات، وخلف حيطان التوترات، تنبت بذرة الإشاعة لتمسي شجرة عملاقة، تثمر المزيد والمزيد مع كل غصن وفرع ونوارة إشاعة جديدة. وإذا كانت السياسة تعرف في أحسن تعريفاتها ب«فن الممكن»، فإن الإشاعة في هذه البيئة تصبح «أحد الممكنات»، بل تتجاوز ذلك لتحاول فرض نفسها واقعاً. قالوا قديماً «الحرب خدعة»، إذاً فالحرب «إشاعة» دائماً. من قصة التبع حسان وزرقاء اليمامة، إلى حصان طروادة، ووصولاً إلى إشاعة وفاة الرسول في معركة أحد، وتضليل خالد بن الوليد للروم في معركة اليرموك بإيهامهم بوصول إمدادات عسكرية، وليس انتهاء بتلك الأكاذيب التي مارسها نابليون في حملته الشهيرة على الشرق، ومنها إعلان إسلامه، وتبعيته للخليفة العثماني، وأكاذيبه على الفرنسيين بأنه انتصر، على رغم تحطم أساطيله، وفناء جيشه على أسوار عكا الفلسطينية ليعود منتصراً في عيون الفرنسيين ب«فعل الإشاعة». «غوبلز» الألماني، الذي كان مستشاراً للقائد النازي هتلر، كان أحد الذين ساهموا بشكل كبير في ترسيخ «الإشاعة»، بل وتجنيد الإمكانات البشرية والمادية لاستخدام «الإشاعة والخدعة» كوسيلة للانتصار... ليستمر النهج في التطور، ويتحول إلى «مدرسة» لا بد من الاستقاء منها في أيام الحرب والدمار. الإشاعات... السلاح الأقوى في السياسة والحروب والتجارة تلاميذ «غوبلز» لا يزالون ناشطين الإعلانات والدعاية... أشكال جديدة لها