الاستعداد لتقلبات الطقس أمر دأب على التفكير فيه الإنسان منذ أن وجد، ففيه النجاة من الأضرار التي قد تلحق به أو بممتلكاته، لذا ظل هاجس التنبؤ بما سيكون عليه الطقس في نفس اليوم أو اليوم الذي يليه أمراً يشغل بال الكثيرين، ما حدا بهم إلى متابعة تقلبات الطقس في كل العام حيث أصبح الإنسان بفضل تفكيره واكتساب الخبرات يعرف المواسم من أمطار ورياح وبرودة وغيرها من الظواهر ليستفيد منها أو يتقي شر ما تجلبه فعلى سبيل المثال فقد كان المزارعون يهتمون بموسم هطول الأمطار وذلك من أجل الاستفادة من مياهها في سقيا المزروعات أو في حصاد ما تم زرعه سابقاً خشية التلف جراء هطول الأمطار بغزارة خصوصاً إذا كانت مصحوبة بزخات من البرد، وبفضل الخبرات المكتسبة ومتابعة تقلبات الطقس نبغ مجموعة من الناس في معرفة ما سيكون عليه الطقس واشتهر عدد منهم سواء في المدن أو القرى وأصبح الناس يعتدون بكلامهم ويأخذونه على محمل الجد وخاصة من كان له معرفة في الطوالع والنجوم، لكن كانت هناك حالات لا يمكن لأحد مهما بلغ علمه في تلك الفترة أن يعرف بوجود عواصف قادمة بعد سويعات ليحذر الناس من شدتها، أو بقرب هطول أمطار غزيرة تجعل الناس يبقون في منازلهم، كما لم يكن هناك وسائل اتصال أو وسائل إعلام تحذر من ذلك، وبعد أن تطورت العلوم وانتشرت المخترعات ظهر علماء متخصصون في متابعة أحوال الطقس مستعينين بعدد من الأجهزة التي تعطي وبدقة كبيرة مؤشرات على الحالة الجوية بل تم تأسيس هيئة للأرصاد الجوية في كل بلد يعنى بمتابعة أحوال الطقس وتذيع لمتابعيها التحذيرات اللازمة . شغف الكثير بمتابعة الأحوال الجوية أوجد الكثير من المواقع والمراكز المتخصصة وزاد الوعي بعلوم الطقس التوقعات هناك العديد من المؤشرات التي تنبئ بحالة جوية يمكن من خلالها التنبؤ بحالة الطقس في وقت معين من اليوم مثل أن تهب رياح باردة ونسيم عليل ما ينذر بقدوم عاصفة ترابية، وقد ضرب بذلك المثل الذي يقول (الهدوء الذي يسبق العاصفة) وهذه من المتضادات فما أن تستمتع بدقائق قليلة بنقاء الجو وعليل النسيم إلا وتفاجأ بعدها برياح عاتية قد تستمر طويلاً، ومن المؤشرات التي كان الناس يتعرفون عليها على قرب هطول الأمطار تشكل السحب ونشوؤها في جهة معينة حيث يتوقعون على الفور وقوع أمطار تتحدد غزارتها من سمك السحاب أو لونه فإذا كان السحاب متراكماً ولونه يميل إلى السواد فان ذلك يعني هطول أمطار غزيرة مصحوبة بزوابع رعدية، كما أن البعض من المهتمين يعرف بسابق خبرته بأن هذه السحابة تحمل البرد وهكذا، أما من ناحية البرودة وشدة الحرارة فإنها كذلك تستشعر من خلال النظر إلى أديم السماء فإذا كانت السماء زرقاء صافية في الشتاء فان ذلك يعني يوماً بارداً جداً ما يجعل الناس يستعدون له بإذكاء النار ولبس الملابس الثقيلة للتدفئة، وبذلك باتت الظروف الجوية فيما مضى احد أهم العناصر الجوية المستخدمة في التنبؤ الجوي في المناطق الجبلية، فسمك غطاء السحب أو تواجد السحب ذات القمم المرتفعة يشير إلى احتمال هطول الأمطار في المستقبل القريب، أما تكون الضباب في الصباح الباكر فيدل على جو صحو بقية اليوم، كما أن الظروف المواتية لهطول الأمطار مثل الرياح أو تشكل السحب تحول دون تكون الضباب، قدوم العواصف الرعدية يمكن أن يشير إلى اقتراب الجبهة الباردة، والسماء الخالية من السحب تدل على جو صحو في المستقبل القريب، وباستخدام هذه الطريقة في التنبؤ الجوي أدى إلى خبرات (تقاليد) رصدية متنوعة على مر القرون . المخايل شغف الكثير من الناس بمتابعة أحوال الطقس وخصوصاً مواسم هطول الأمطار والتي كانت تعني عند الكثيرين الحياة فالأمطار تنعش الروح وتروي عطش الأرض وتسقي المزروعات والحيوانات التي ترعى العشب في البراري القفار، ولشدة تعلق بعض الناس بالأمطار قديماً وفي ظل عدم وجود أجهزة الرصد الحديثة التي تتابع سير السحب وتعطي توقعات بقرب هطول الأمطار أكثرها يصيب فقد كانوا يمارسون هواية تتبع السحب فيعرفون اتجاهها وسماكتها وما اذا كانت ممطرة، وهذه الطريقة تسمى (مخايل) أي (مخايل سحاب)، وما زال هناك الكثير من عشاق مخايل السحاب إلى يومنا هذا بالرغم من توفر أجهزة الرصد التي تعطي توقعات أكثرها يصيب بإذن الله الا أن لهذه الهواية عشاقها حيث تراهم يقودون سياراتهم باتجاه تجمع السحب ويتوقفون كثيراً متأملينها ومن شدة متابعتهم صاروا يعرفون أنها ممطرة أو تحمل زخات من البرد أو أنها ستكون غزيرة، كما يعرفون أنها تمطر على البلد الفلاني وهكذا، وقد صور عدد من الشعراء حالهم ومن أشهر وأعذب هذه القصائد قصيدة الأمير الشاعر خالد الفيصل الذي ذكر مخايل السحاب عند ذكر محبوبته فقال : سحاب انا من بدة الناس مغليك اغلى علي من الهوى في حياتى سحاب سميتك على غيث واليك يا غيث قلبى فرحتى يا نجاتي اخايل بروقك واراعي مناشيك واشفق على هل المطر منك ياتي سبحان من علاك عن كل راجيك ارض تعداها حياها فواتي هواك طوفنى معك في مساريك من فوق أناظر قالبين العباتي درجات الحرارة كان الناس يستشعرون حال حرارة الجو من شدة لهيب الشمس أو زمهرير البرد فيقولون اليوم شديد الحرارة في عز الصيف أو شديد البرودة في عز الشتاء وكانت تقاس شدة البرد بمصطلحات متعارفة بينهم تدل على ذلك فعند اشتداد البرد يقولون (برد يقطم المسمار) أما تعبيرهم عن شدة الحرارة فيقولون في أشد مواسمها (اليوم غت) أي أن الحرارة قد بلغت مداها ما يجعل مزاج المرء سيئاً ولا يستطيع المشي أو العمل تحت أشعة الشمس خصوصاً، وبعد اختراع مقياس درجات الحرارة فقد صار الناس يعرفون درجات الحرارة التي تدل على شدة الحرارة أو البرودة، وانتشرت هذه المقاييس حتى في السيارات وداخل المدن في لوحات تعرض في الشوارع وبات الكل يعرف درجات الحرارة على مدار الساعة، بل انه صار من اليسير على أي شخص معرفة درجات الحرارة المتوقعة خلال الأيام القادمة وذلك بالدخول إلى مواقع الشبكة العنكبوتية والتطبيقات في أجهزة الهاتف النقال، وقد وفرت تلك المعلومات لمتتبعيها فرصة التعرف على الأجواء وبات يعتمد عليها في التخطيط لأي عمل كالسفر أو الخروج إلى التنزه واعتماد من يقومون بالعمل في الإنشاءات في المناطق المفتوحة على هذه التوقعات. نشرة جوية ظل الناس فيما مضى يعيشون حياتهم الاعتيادية وهم لا يعرفون عن التغيرات الجوية والطقس إلا الخبرة اليسيرة التي أكسبتها لهم خبرات الحياة المتراكمة جيلاً بعد جيل، إلى أن طرأ شيء جديد في حياتهم جعلهم يتعرفون على أحوال الطقس من الغد بتوقعات أكثر دقة مبنية على دراسات ومتابعات باجهزة الرصد الحديثة ألا وهو تقديم التلفزيون نشرة جوية تعطي تفاصيل الطقس المتوقعة لنهار الغد وتذاع في نهاية نشرة الأخبار الرئيسية بالليل والتي كان يتم تقديمها في الساعة التاسعة ليلاً في الشتاء والساعة التاسعة والنصف ليلاً في الصيف، وكان تاريخ انطلاقة تقديم هذه النشرة الجوية في مطلع التسعينيات الهجرية، وكانت تلك النشرة تحظى بمتابعة الكل وخصوصاً من كبار السن الذين يستمتعون بما تحمله من توقعات، إضافة إلى معرفة درجة الحرارة، وهناك شريحة أخرى يكون اهتمامها أشد من اهتمام الناس العاديين ألا وهم صيادو الأسماك في عرض البحار حيث يستمعون إلى تقرير في النشرة مفصل عن حالة البحر الأحمر والخليج العربي من حيث حركة الرياح التي تحسب سرعتها ب (العقدة) وارتفاع الموج، فيستعدون لتقلبات الطقس ويأخذون حذرهم، واستمر الناس بمتابعة النشرات الجوية أعواماً عديدة والتي تقدم عبر القناة الأولى بالتلفزيون السعودي إلى أن بدأت قنوات جديدة في البث التلفزيوني في مطلع العام 1411 ه والتي تنافست فيما بينها للوصول إلى أكثر مشاهدة ومتابعة وكان من البرامج التي عملتها لشد انتباه المتابعين هو تقديم نشرات جوية أكثر دقة وأشمل في التوقعات، وبذلك تأثرت نشرة الأخبار التي تقدم عبر التلفزيون السعودي بالقناة الأولى واستطاعت تلك القنوات اقتطاع عدد كبير جداً من المشاهدين بعد أن كانت نشرات الأحوال الجوية من أكثر البرامج شهرة ومتابعة إذ كانت تضم عددا من المذيعين المميزين كأمثال المذيع المتألق الذي ظل يقدم النشرة لمدة تسعة وعشرين عاماً حسن كراني والذي ما زال يتذكره جيل اليوم بصوته المميز وسلاسة تقديمه للنشرة وخاتمته المعتادة التي عود عليها جمهوره وهي عبارة (شكراً لإصغائكم مع أحلى الأماني)، كما يتذكرون البدايات البسيطة والجميلة للنشرة الجوية والتي كان يستعين فيها المذيع بخريطة للجزيرة العربية مكتوب بها مدن المملكة والدول التي تجاورها وبها يتم وضع علامات متنقلة ترمز للجو المشمس أو اتجاه الرياح أو الضباب ومن الأشياء الضرورية التي يستعين بها المذيع هي المؤشر الحديدي (أنتل) يظل طول تقديم النشرة والشرح على الخريطة يؤشر به، ومن ضمن الرعيل الأول المقدمين للنشرة المذيع عبداللطيف العيوني، ثم جاء بعدهم كل من مصطفى العشماوي وعبدالله الجازع وغيرهم. الأرصاد الجوية وحاول الناس توقع حالة الطقس على مدى آلاف السنين ولكنهم أخفقوا كثيراً في توقعاتهم لعدم وجود ما يدعم تلك التوقعات من أجهزة ، أما في يومنا الحاضر فقد ساعد العلماء استخدام أجهزة معقدة كالرادارات والأقمار الاصطناعية والحواسب المعدة لهذا الغرض وبات علماء الأرصاد الجوية هم الذين يهتمون بدراسة علم الأرصاد الجوية وتفسير الظواهر الجوية المختلفة على أسس علمية، ومنهم أشخاص مؤهلون للتنبؤ بحالة الطقس باستخدام العلوم وأدوات القياس المختلفة (المتنبؤن الجويون) ومعظم هؤلاء في الإذاعة والتلفزيون هم أشخاص يملكون خبرة كبيرة في الأرصاد الجوية، في حين أن البعض الآخر مجرد صحفيين يقومون بنشر المعلومات التي تصل إليهم من مراكز الأرصاد الجوية الوطنية والإقليمية، وهناك البيانات الواردة من الأقمار الاصطناعية للأرصاد الجوية (رادار الأرصاد الجوية) والمجسات الجوية، ومحطات الأرصاد الجوية حول العالم، والعاملون في الأرصاد الجوية يعملون في الهيئات الحكومية والمؤسسات البحثية الخاصة والمؤسسات الصناعية وفي قطاع الخدمات وفي محطات التلفزة والتعليم، وقد ساهمت تلك المراكز البحثية المنتشرة في معظم دول العالم في رصد العديد من حالات الطقس التي تشكل خطراً على الإنسان والبيئة مثل الفيضانات والعواصف والأمطار الغزيرة وأعطت تحذيرات حالت دون وقوع كوارث، وبفضل التقدم التقني وأجهزة الرصد العلمية الحديثة أصبحت التوقعات الجوية أكثرة دقة من ذي قبل. الهواة انتشر في الآونة الأخيرة هواة الطقس والمناخ في جميع المناطق وهم مجموعة من الهواة همهم تتبع حالات الطقس على مدار السنة وقد كرسوا جهدهم ووقتهم في متابعة أحوال الطقس ورصد هطول الأمطار ويتسارعون في نقل ورصد الأمطار والتي يشعرون فيها بأنهم يسعدون الناس في نقلهم لرصد الأمطار، واستعان أكثر هؤلاء بالعديد من أجهزة الرصد التي دفعوا مقابلها أثمانا باهظة من أجل إشباع هذه الهواية بل إنهم قد قاموا بتشكيل فرق لرصد حالات الطقس مثل فريق (y7) والذي بدأت فكرته في نوفمبر 2007 وكان يضم 10 أعضاء فقط وهو أول فريق يتم تأسيسه في المملكة وبات الآن يحقق نجاحا كبيرا حيث يضم 300 عضو و2000 مراسل على مستوى المملكة والخليج وذلك بالنقل المباشر لرصد ومتابعة الأمطار في جميع مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يحظى الفريق بشعبية كبيره في المجتمع، كما أن هناك لجنة تضم عددا من المهتمين تحت مسمى (لجنة تسمية الحالات المناخية المميزة )، ويتواصل هؤلاء الهواة مع أكبر مراكز الرصد في العالم، ويقومون بنشر توقعاتهم عبر وسائل الإعلام، ويجد هؤلاء الهواة الدعم والتدريب وعقد اللقاءات التعريفية، فعلى سبيل المثال نظم قسم الأرصاد بكلية الأرصاد والبيئة وزراعة المناطق الجافة ومركز التميز لأبحاث التغير المناخي بجامعة الملك عبدالعزيز زيارة تعريفية لهواة الطقس والمناخ بالمملكة ومن ضمنهم فريق (رهج) العواصف في لقاء تعريفي سادته أجواء من الألفة جرى من خلاله التعريف بالطقس والمناخ ضمن أنشطة الحملة التوعوية بالأرصاد الجوية تحت شعار (جونا غير)، وفي المقابل فقد أتاحت هيئة الأرصاد وحماية البيئة موقعاً رسمياً لها تبين فيه حالة الطقس يومياً تمكن الزوار من معرفة التوقعات، وتدعو هيئة الأرصاد وحماية البيئة إلى متابعة أحوال الطقس والمعلومات المناخية من مصادرها الرسمية، وطلبت الهيئة عبر حسابها الرسمي في (تويتر) بالابتعاد عن المعلومات غير الدقيقة في مجال الأرصاد مشددة على الحرص في استقاء أحوال الطقس والمناخ من مصادرها الرسمية تجنبًا لأي شائعات أو معلومات غير دقيقة. هواة الطقس يترقبون توقعات الأمطار والسيول بشغف نشرة الأخبار الجوية في التلفزيون في مطلع التسعينيات أجهزة رصد حالة الجو باتت خير معين لمعرفة التوقعات بدقة الاهتمام بهواة الطقس ساهم في دعم التخصص وتطويره رصد ومتابعة مخايل السحاب هواية قديمة متجددة تترجم مدى فرح الناس بالمطر ساعدت توقعات الطقس منذ القدم في خدمة المزارعين حمود الضويحي