كانت الأغاني الرياضية محصورة قبل عام 1984م على الأندية، يتم طرحها خلال الحفل الفني الذي تقيمه هذه الأندية نهاية كل موسم، حيث يأتي المطرب حاملاً أغنية عن هذا النادي أو ذاك وإذا لم يستطع تنفيذ أغنية خاصة فإنه يكتفي بإدراج اسم النادي في إحدى أغانيه العاطفية. هكذا كان واقع الأغنية الرياضية قبل أن يقدم الفنان طلال سلامة أغنيته البكر "الله الله يا منتخبا". قبل كأس آسيا 1984 لم يكن وضع المنتخب محفزاً للفنانين، كان منتخباً بسيطاً متواضعاً بلا إنجازات تذكر، ولا يشارك إلا في البطولات الإقليمية المتاحة، لكن شعور الحماس الطاغي الذي اجتاح الجميع بعد التأهل لأولمبياد لوس آنجلوس، وطعم الإنجاز، والطموح، غير المعادلة وهيأ الساحة لميلاد أشهر أغنية للمنتخب وأفضلها على الإطلاق. جاءت أغنية "الله الله يا منتخبنا" قرينة لبداية الإنجازات في الرياضية السعودية، وقد تم إنتاجها بتكليف مباشر من صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد "طيب الله ثراه". كان هذا التوجه في الأغاني الوطنية الحماسية بحاجة إلى شخصية قوية مبادرة تشع طموحاً وتتقد همة وتتطلع نحو إعلاء اسم المملكة في المحافل الدولية. انطلقت هذه الأغنية أيام سنغافورة -كأس آسيا 84- التي تجلى فيها المنتخب السعودي وحقق الإعجاز وأعلن عن نفسه بطلاً لأكبر قارات الأرض، بعد أن جندل ماجد عبدالله "طقم الصين كله". وجاء هذا الإنجاز الكبير ثمرة لرحلة أولمبياد لوس أنجلوس التي ألهمت الفنانين وحفزت الجمهور وجذبت اهتمامه نحو منتخب بلاده. حينها كان الملحن محمد شفيق –رحمه الله- يعمل قيادياً في فرقة الإذاعة والتلفزيون، وقد تلقى تكليف الأمير الراحل فيصل بن فهد بإنتاج أغنية خاصة للمنتخب، وشارك شفيق مع الكاتب محمد صالح نوار في صياغة لحن وكلمات أغنية "الله الله يامنتخبا.. إن شاء الله تحقق أملنا"، دون أن يتوقع الاثنان النجاح الذي ستحققه هذه الأغنية فيما بعد. كانا يعتقدان أنها أغنية خاصة ستموت مثل غيرها في حالة إخفاق المنتخب. لكنهما -مع ذلك- واصلاً بناء الأغنية بروح الحب والانتماء، وخلال انشغالهما بهذا المشروع الوطني، ظهر في المنطقة الغربية صوت جميل عرف في الحفلات والمناسبات، ولم يصدر له أي شريط حينها، هو طلال سلامة، فتم اختياره ليؤدي هذه الأغنية، وفاجأ الجميع بالأغنية التي بثها التلفزيون السعودي حينها وحفظها الجميع. كانت أغنية مختلفة في إيقاعها ولونها وكوبليهاتها المميزة، وكانت الولادة الحقيقية لطلال سلامة.. الابن النجيب للراحل الكبير طلال مداح. يستمد السعوديون من هذه الأغنية الرياضية نشوة عارمة تذكرهم بمكانة المنتخب السعودي وتاريخه وهيبته.. "باسم الوطن.. العب بفن". كانت البداية لسلسلة من الأغاني الرائعة التي قدمها بقية المطربين السعوديين للمنتخب.. حيث غنى محمد عبده "خضر الفنايل" ثم غنى أبو بكر سالم "يا منتخبنا السعودي" ثم غنى طلال مداح بعد عودته من الاعتزال "يا ناس الاخضر لا لعب" في الدورة العربية بالطائف عام "1985"، وعبادي الجوهر "جاكم الأعصار" عام "1988"، وعلي عبدالكريم "تكفون يا عيال الديرة"، ليصبح الغناء للمنتخب غاية يتمناها كل فنان، فانهالت بعد ذلك الأغاني، خاصة أثناء مونديال 1994، وقدم خالد عبدالرحمن أغنية "جوهر بلادي" وراشد الماجد أغنية "يا شبك" وعبدالكريم عبدالقادر "ألا يا هوه يا سعودي". واليوم والمنتخب السعودي يستعد لمواجهة أستراليا في جدة ضمن التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2018، تمتلئ الذاكرة بعشرات الأغاني الخاصة به، لكن تبقى "الله الله يا منتخبنا.. إن شاء الله تحقق أملنا" أيقونة الفرح وعنوان الانتصار وروح الإنجاز، وهي الأفضل والأشهر على الإطلاق. يقول محمد شفيق "رحمه الله" "إن هذه الأغنية كانت خير محفز لبعثة المنتخب "1984" في سنغافورة، وتثبت أن نظرة الأمير فيصل بن فهد "طيب الله ثراه" بعيدة". ونأمل نحن أن تكون هذه الأغنية محفزة للاعبي منتخبنا الليلة وأن يحقق المنتخب أملنا.