المواسم والفصول تستوقفنا، وتجعلنا نتريث لنتأمل موقفنا من العالم حولنا، نراجع الأجندات القديمة، ونتفحص رموز خرائط الدرب وعلاماتها. 86 عاما هو عمر دولة فتية، مقارنة بأعمار الكيانات الدولية حولها، رغم هذا نجد أن المملكة هي التي باتت تقود محيطها الإقليمي سواء على مستوى القرار أو الثقل الاقتصادي. بالتأكيد هذا لم يخرج بشكل عشوائي وتلقائي، ولكن حتماً هناك ركام من العمل الوطني المتصل منذ مطالع التأسيس، حيث ظل يتجاذب المملكة قطبان؛ أحدهما إرث عميق لمكون صحراوي فطري بسيط، مطوق بالمحاذير والخوف والاسترابة من الجديد والطارئ والمختلف من ناحية. ومن ناحية أخرى هناك إرادة الإنسان؛ إنسان الجزيرة العربية سليل حضارات قديمة بنت وعمرت ورفعت البنيان منذ آلاف السنين. وفي كل كرة من دورات التجاذب بين هذين القطبين، كانت المملكة تنتصر لإرادة الإنسان المتحضر والعمران، وتكمل المسيرة باتجاه المجد والعلياء. وفي كل مرة وكل منعطف وعام، تُوضأ الأوراق بماء السؤال، والمراجعة. -فالحضور الاقتصادي، والثقل السياسي والنجاح في الإبحار وسط العواصف الإقليمية، منجز تضافرت فيه القيادة مع شرائح الشعب حتى تبلورت وتبدت بشكلها الحاضر، لذا فهو بحاجة إلى حدب ورعاية، وهياكل إدارية تحمي هذه العلاقة وترسخها. وفي مقدمة المؤسسات التي تحتاج لعناية واهتمام (مجلس الشورى) الذي يتطلب تحركات إسعافية، تنقله من طوره السلبي الباهت، الذي ترتفع فيه الجعجعة دون أن نرى طحناً ملموساً على أرض الواقع (بل بات هو جهة معطلة لكثير من المشاريع)، للنهوض به إلى مستوى المؤسسة التشريعية وصياغة القوانين، وتفعيل أدواره في المراقبة والمتابعة والمساءلة. حماية للشفافية، وحفظا للاقتصاد الوطني من بؤر الفساد. -نصف السعوديين والمستقبل والحلم السعودي، المواطنات اللواتي بذل على تعليمهن وتأهيلهن الميزانيات الهائلة، لابد أن يكون لهن حيّز يتناسب مع طاقاتهن وقدراتهن، والاستثمار بها وعبرها، كقيمة وطنية فاعلة ومثرية في جميع المجالات، مع صياغة القوانين التي تحمي هذه القدرات الوطنية، وتفعل حضورها، وتحمي مسيرتها في دروب التمكين. -القوة الناعمة الوطنية، والتي مابرحت لم تستثمر بشكلها المطلوب، مع دولة بحجم المملكة، وهي القوة التي يختصرها تواجد المملكة في المحافل الدولية والعالمية، عبر إعلام احترافي ناجح، وعبر كل ما تسكبه المملكة في حوض التمدن والحضارة العالمي، من تاريخ علوم وفنون ومكون حضاري. هذا ما تبدى لي في قائمة أسئلة المواسم.. لهذا العام. سؤال المواسم والفصول، هو أحد أسرار نجاح المملكة وتفوقها.. هو سؤال يجعلنا في كل مرحلة نتوقف لنتأكد من بوصلة درب المجد والعلياء. omaimakhamis@yahoo. com