بعيداً عن السياسة.. ومن خلال قلم نقد الإسلام السني في بعض ممارساته، كما وقف في وجه الإرهاب قبل أن يدركه الآخرون، اضطرني المسؤولون الإيرانيون لتناول موضوع ما كنت أود الخوض فيه، على الأقل من مبدأ "قد تبين الرشد من الغي" ومبدأ "لكم دينكم ولي دين". وكذلك من حقيقة تاريخية مفادها أن السياسة تشوه الأديان على مر العصور. بعيدًا عن المذهب الشيعي الذي نقدره كما نقدر بقية الطوائف ولا نقدسه عن النقد لما دخل عليه ودخل فيه، سيكون حديثي عن ما يمكن أن أسميه مجازا الإسلام الإيراني. وقد أطلقت مصطلح إسلام مجازا لأن مايقوله ويفعله الإيرانيون لا يمت للإسلام بصلة. إن ما يسمى الإسلام الإيراني كان يصطدم بالعقل والمنطق ويزداد هذا الصدام مع الوقت قوة. يمكن رصد آلاف الترهات من معمميهم لإثبات بطلان دينهم، ولكني لن أسلك ذلك المسلك. بل سأقتصر على ما ظهر جليا خلال الفترة الأخيرة منذ استطاعت إيران وأنصارها أن تجعل الصراع الطائفي هو الأساس في علاقة السنة والشيعة وساعدها على ذلك مشايخ وقنوات تدعي أنها تناصر السنة برغم أنها خدمت المشروع الصفوي بسبب تعصب القائمين عليها وجهلهم بدهاليز السياسة وطرقاتها. عمدت إيران إلى تحويل الحج إلى مناسبة سياسية صفوية بدءاً بقتل الحجاج ثم تأجيج العامة ومحاولة تدبير مشاكل أمنية في كل عام لكي يتحقق لها طرح مسألة أمن وإدارة الحج على الطاولة ضاربة عرض الحائط بحرمة الدم المسلم وحرمة المكان والزمان ومتجاوزة الأعراف الدولية. ثم جاء تصريح وزير الخارجية الإيرانية جواد ظريف بأن الدين الإيراني يختلف عن الدين الذي تدين به المملكة العربية السعودية ليؤكد لنا أن الدين الإيراني يختلف عن كل الطوائف الإسلامية. ولا شك أنه بقي احتمال أن تكون تلك التصريحات حربا سياسية برغم أن الساسة الإيرانيين كلهم من المدرسة الدينية. إلا أن تصريحات خامنئي ومن تبعه من معممي إيران وأتباعهم العراقيين نسفت ذلك الاحتمال وقطعت الشك باليقين، إذ انطلقت الفتاوى بالحج لكربلاء بدلا من مكة!!. وتتابعت الترهات التي تجعل الحج إلى كربلاء يفوق الحج إلى مكة بألف ألف مرة!!. هنا لم يبق إلا أن نستنتج أن إيران اختطفت الإسلام الشيعي كما اختطفت الجماعات الإرهابية الإسلام السني. اختطفت إيران الإسلام الشيعي وعبثت به وأعادت تشكيله وسوقته في محيط جُهز لمثل هذه الآراء التي تتعارض مع الإسلام بما مورس به من مناكفات ثم حروب طائفية ليحقق أهدافها التوسعية، وبالفعل اتجه أكثر من مليون شخص إلى كربلاء للحج هذا العام. وهذا ماحدا بعلماء شيعة للوقوف ضد هذا الدين الصفوي وإعادة التشيع إلى ماكان عليه قبل أن يدنسه الصفويون. إن من الأهمية أن نميز بين الدين الإيراني وبين التشيع فالتشيع مذهب من مذاهب المسلمين وأمرنا وأمرهم لله. ويجب أن لا تسوقنا إيران في طريق تكفير الشيعة الذين لم ينتموا للدين الإيراني.