العيد في اللغة مأخوذ من عاد بمعنى العود أي عاد إليه، أو مأخوذ من العادة بمعنى اعتاده.. والعيد في الإسلام هو يوم محدد نصّت عليه الشريعة الإسلامية المقدسة وحددت له أعمالاً وآداباً ومراسم خاصة. وما يدل على عظم شأن العيد أن الإسلام ربط كل واحد من عيديه العظيمين بشعيرة من شعائره (الصوم والحج) لما لهما من تأثير في الروحانيات والسلوكيات، وأثر عميق في التربية الفردية والاجتماعية. فهذا الربط بين العيدين كاف للكشف عن وجه الحقيقة، وأنهما عيدان دينيان بكل ما شُرع فيهما من سنن، بل حتى ما ندب إليه الدين فيهما من أمور ظاهرها دنيوي كالتجمل، والتحلي، والتطيب، والتوسعة على الأسرة، وملاطفة الضيوف، والمرح واللهو مما لا يخرج إلى حد الإسراف، وباطنه داخل في الطاعات إذا حسنت النية، فمن محاسن الإسلام أن المباحات إذا حسنت فيها النية، وأريد بها تحقيق حكمة الله، أو شكر نعمته انقلبت قربات يثاب المؤمن عليها. والعيد شعيرة من شعائر الله تعالى، التي ينبغي أن تظهر وتبرز في المجتمع الإسلامي، وما استحباب التكبير والتهليل والتحميد صبيحة العيد، والاجتماع للصلاة وغيرها من الأعمال والمستحبات إلا تأكيد على أهمية إظهار وإبراز العيد بكل مداليله. وللعيد أبعاد اجتماعية كثيرة منها: التلاقي والتزاور والتآخي وغيرها من المظاهر التي تحقّق حالة إنسانية تزيد من التواصل والترابط الحميم بين أفراد المجتمع. يقول د. مصطفى السباعي صاحب كتاب (هكذا علمتني الحياة): "والله لو كبرت قلوب المسلمين كما كبرت ألسنتهم، لغيّروا وجه التاريخ.. ولو اجتمعوا دائماً كما يجتمعون لصلاة العيد لهزموا جحافل الأعداء.. ولو تصافحت قلوبهم كما تتصافح أيديهم لقضوا على عوامل الفرقة.. ولو تبسّمت أرواحهم كما تبسّمت شفاههم لكانوا مع أهل السماء.. ولو لبسوا أكمل الأخلاق كما يلبسون أفخر الثياب لكانوا أجمل أمة على الأرض".. فهذه دعوة لكل المتخاصمين في صباح العيد إلى أن تتصافح قلوبهم كما تتصافح أيديهم.. عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم؟.. قالوا: من أبو ضمضم يا رسول الله؟.. قال: كان إذا أصبح قال: اللهم إني قد وهبت نفسي وعرضي لك؛ فلا يشتم من شتمه، ولا يظلم من ظلمه، ولا يضرب من ضربه".. نحن في هذا اليوم جدير بنا أن نمد أيدينا بالمصافحة، وألسنتنا بالكلام الطيب، وقلوبنا بغسلها من الأضغان والأحقاد والشحناء والبغضاء؛ وأن تتواصل أرواحنا وتتقارب قلوبنا، فهذا هو جوهر العيد في الإسلام.. وكل عام وأنتم وأمتنا وبلادنا بخير.. [email protected]