موهبة محمد الدعيع لم تتكرر تنفست الجماهير السعودية الصعداء، بعد المستوى الرائع الذي ظهر به حارس المنتخب السعودي ياسر المسيليم، في أول مواجهتين في التصفيات الآسيوية لمونديال كأس العالم في روسيا 2018م، بعد أن كان القلق يسيطر على محبي "الأخضر" قبل بداية التصفيات، نتاج الضعف الواضح في مركز الحراسة السعودية في الأعوام الأخيرة، منذ اعتزال أسطورة الحراسة السعودية السابق محمد الدعيع قبل نحو ستة مواسم، وتأرجح مستويات البقية من بعده من دون ثبات في المستوى مع المنتخب أو مع الأندية. وعلى الرغم من الحضور الرائع للمسيليم مع المنتخب السعودي في البطولة الآسيوية في العام 2007م، عندما ساهم في بلوغ المنتخب لنهائي القارة، قبل أن يحل وصيفاً أمام العراق، إلا أن تألقه اختفى بعدها قبل أن ينجح بعد تسعة أعوام من الابتعاد عن صفوف المنتخب، في العودة مع مستهل التصفيات المونديالية الجارية لحماية عرين المنتخب، بعد تألقه مع فريقه الأهلي في الموسم الفارط، والتتويج معه بثلاث بطولات. عودة المسيليم التي طمأنت الجماهير السعودية لم تغلق باب التساؤلات عن أسباب ضعف الحراسة السعودية عموماً، ولم تغفل أهمية تواجد منافسين مميزين في بقية مشوار التصفيات الطويل، ومستقبلاً في نهائيات الكأس الآسيوية بانتظار حلول ناجعة. في الموسم الماضي برزت موهبة حارس الشباب محمد العويس، واستبشرت الجماهير بظهور موهبة جديدة في هذا المركز الحيوي خصوصاً على صعيد المنتخب السعودي، إلا أن الإصابات المتلاحقة ساهمت في تأخر استدعائه لخدمة "الأخضر"، وعدا العويس وقبله المسيليم، ظلت مستويات بقية الحراس بعيدة تماماً عن الحضور القوي والمستمر بذات التميز بين الخشبات الثلاث. ويظل القصور في هذا الجانب يلاحق الأجهزة الإدارية والفنية، في عدم الاهتمام بتأهيل الحراس، ومن ذلك التعاقد مع مدربين مميزين متخصصين ضمن الأجهزة الفنية، كما أن نضوب المواهب في هذا المركز على مستوى الفئات السنية، ساهم كثيراً في التأثير على مركز الحراسة في الأندية والمنتخبات. البعض يرى أن السبب يعود الى إدارات الأندية، التي لا تمنح الفرصة للحراس الشباب، ولا يتم إشراك أسماء جديدة الا عند إصابة الحارس الأساسي للفريق، والبعض الآخر يرى أن المدربين هم السبب الأول في ذلك، إذ نادراً ما يمنحون الفرصة للحراس الشباب، بإشراكهم في بعض المباريات، للوقوف على مستوياتهم الحقيقي، وبعيداً عن المسببات يأتي في مقدمة الحلول المنتظرة توفير مدارس خاصة، تهتم بتخريج الحراس لصقلهم وتنمية مواهبهم، فالملاعب السعودية التي أنجبت العديد من الحراس الكبار، أمثال أحمد عيد، سالم مروان، عبدالله الدعيع، محمد المطلق ومحمد الدعيع في إمكانها إنجاب المزيد ومواهب أخرى، فالمواهب موجودة والمشكلة الحقيقية تكمن في عدم وجود دعم للناشئين، إذ تشهد هذه المرحلة صناعة حارس المرمى، لتقديمه للفريق الأول جاهزا مؤهلاً لخدمته. كما أن المسؤولية تقع على الأندية بضرورة توسيع قاعدة الاختيار بالنسبة للحراس، إذ ان الحارس ليس لاعبا عادياً إذ من المهم أن يمتلك مواصفات جسمانية خاصة، من حيث الطول والقوة الجسمانية، وعلى إدارات الاندية دور مهم في البحث عن الحراس المميزين، وزرع الثقة في نفوسهم، وتثقيفهم بأهمية دور الحارس، لاسيما وأن ذلك سيكرس في ذهن الحارس منذ الصغر، ويقبل حينها على التدريبات بروح عالية، ومن خلال ذلك يمكن صناعة حراس مميزين انطلاقاً من المقولة الكروية الشهيرة: "الحارس نصف الفريق"، ومن واقع أهمية هذا المركز، الذي بات شغله بحارس كفء أزمة حقيقية، على مستوى الأندية والمنتخبات، سيزيد من عمقها اللجوء لمقترح السماح بالتعاقد مع الحراس الأجانب، حينها سيدق المسمار الأخير في نعش مركز الحراسة السعودية.