يندر في الأندية السعودية استمرار مدير الكرة في منصبه فترة طويلة، تتجاوز الموسم أو الموسمين وحتى الثلاثة، إذ تظل مهمته الأكثر انتقاداً وتقريعاً مع أي هزة فنية، وأضحى الحلقة الأضعف في منظومة أي فريق، بل إن المدرب وهو كبش الفداء المنتظر دوماً في الأندية، ربما يجد موقعه الجديد جاهزاً في فريق آخر فور إقالته، فيما ربما يكون ابتعاد مدير الكرة أو إبعاده سبباً مباشراً في اعتزاله العمل الرسمي في الوسط الرياضي. وتتعدد الأمثلة في الأندية السعودية خصوصاً الكبار منها، إذ يظل منصب مدير الكرة حقلاً للتجارب في كل موسم، على الرغم من نجاح البعض منهم والأسباب متنوعة، يأتي في مقدمتها أن عمله يمثل الإدارة الوسطى بين مجلس إدارة النادي ورئيسه من جهة، وبين الأجهزة الفنية واللاعبين من جهة أخرى، كما أن الصلاحيات الممنوحة له تكون عادةً مقيدة، حتى لو تم تجميل المنصب بمسمى مدير عام النادي، إضافة إلى أن الثقة في عمله، تهتز كثيراً عند أي إخفاق أو مشاكل مع اللاعبين تطفو على السطح، وهذا المشهد المعتاد في الأندية السعودية، التي يبرز فيها رئيس النادي متصدياً لكل مايخص فريق الكرة، تحديدا في الجوانب الإدارية، ويدلل تفضيل أكثرهم الجلوس على دكة البدلاء بعيداً عن مقاعد المنصة خلال المباريات، على حجم اهتمامهم الشخصي بالفريق الكروي حتى لو طال الإهمال بقية الألعاب الأخرى أو الفئات السنية، من دون منح مدير الكرة الثقة الكاملة في إدارة الفريق، كما يحدث في أكثر الأندية العالمية، التي يتفرغ خلالها رؤساء الأندية لمهام أكبر وأوسع، تختص برسم الاستراتيجيات العليا للنادي وصياغة العقود الاستثمارية وتوفير المتطلبات المعنوية والمادية لدعم النادي ككل، وغيرها من المهام التي لاتتقاطع مع الأجهزة الفنية والإدارية لفرق النادي. في النصر كمثال تبرز هذه الأيام قضية ابتعاد مدير الإدارة العامة لكرة القدم بدر الحقباني بسبب عدم علمه بتعيين محمد الخرينق مديراً للفريق، إضافة إلى تصادمه مع قائد الفريق حسين عبدالغني، مع استهلال الموسم الجديد، على الرغم من نفي الأول حدوث ذلك، إذ صرح الحقباني بعدها: "يحدث عادة بيني وبين اللاعبين في غرفة الملابس أو بعد نهاية المباراة نقاش ودي وطبيعي، وماقيل أن هناك تلاسناً ومشاجرة وغيره غير صحيح، وحوارنا تم نقله بطريقة خاطئة". وجاء تبريره بعد الجدل الواسع حول الخلافات التي أثبرت في وسائل الإعلام و مواقع التواصل الاجتماعي، والتي حدثت بين شوطي مباراة النصر والاتفاق في "دوري جميل"، والتي كسبها الاتفاق بنتيجة 1-صفر . ومع النفي المعلن لوجود الخلافات، إلا أن المقربين من النادي أكدوا أن الغيوم تُلبِد علاقة مدير الكرة في النادي بقائد الفريق الكروي، وذهب بعضهم إلى أن ابتعاد أحدهما هو المرتقب، في حال لم تنجح مساعي الإدارة العليا في النادي، في حل الخلافات الطارئة بين الاثنين، وهو ما تجلى بعد ذلك في ابتعاد الحقباني، بعد تطور جديد فرضه التدخل في تشكيل فريق عمله، واتخاذ قرارٍ يخص مهامه من دون علمه، ما فرض عليه الانسحاب بهدوء، وما يؤكد فعلاً أن مهمة مدير الكرة تظل وظيفة مقيدة، بلا صلاحيات مفتوحة، تساهم في دعم عمله وتعزيز الثقة في قيادته الإدارية للفريق، كحلقة وصل بين الجهاز الفني واللاعبين. جماهير النصر التي باتت تتحدث بصوت عالٍ، عن مصادمات قائد الفريق حسين عبدالغني المتعددة داخل الملعب وخارجه، أمست تحمل رئيس النادي تبعات تواصل ذلك، خشية التأثير المباشر على النتائج، ما يتطلب الوقوف بحزم أمام كل ما يعرقل مسيرة الفريق، ومن ذلك فرض احترام الأجهزة الفنية والإدارية على الجميع بمن فيهم قائد الفريق، فيما ذهبت فئة أخرى من الجماهير، وفق تعليقاتها في مواقع التواصل المتنوعة، إلى منح مدرب الفريق الكرواتي زوران ماميتش كامل الثقة، في المحافظة على انضباط الفريق، والتصدي لأي محاولات للتمرد على المنظومة المتكاملة، غير ذلك سيكون من الصعوبة على رئيس النادي نفسه ومجلس إدارته، توفير بيئة صحية تعيد الفريق إلى التركيز داخل الملعب، واستعادة تفوق الفريق قبل موسمين، إذ إن الحرص على انضباط اللاعبين وانصياعهم للقرارات الفنية والإدارية، هو مفتاح العودة التي ينتظرها المدرج الأصفر، ومهما كان حجم اللاعب الفني ونجوميته، فلابد أن تكون مصلحة الكيان الواحد خطا أحمر، لن يتحمل مسؤوليتها أمام الجماهير سوى رئيس النادي، صاحب القرار الأول في العادة، خصوصاً أن العمل الإداري في الموسم المنصرم في النصر اتخذ قرارات إدارية وفنية خاطئة، أصابت الفريق بالوهن والضعف، وخرج معها من موسمه الفائت محملاً بالخيبة وإهدار المزيد من البطولات، قبل تقديم مجلس الإدارة الاستقالة، ثم العودة مجددا برغبة شرفية واسعة ومباركة جماهيرية، تشترط تصحيح المسار والاستفادة من أخطاء الماضي، غير ذلك سيبقى النصر يدور في حلقة مفرغة، تتصادم فيها الأدوار، وتختلط معها الأوراق، وستقف النتائج شاهدة على ذلك، دون طموحات مدرجه الكبير، الذي يتأمل في عمل إداري وفني مثمر، وأداء عناصري مميز يقوده الانضباط واحترام الكيان، كمبدأ لا حياد فيه من محبي النادي العاصمي. أجواء النصر الملبدة بالغيوم قادته للخسارة من الاتفاق