نبيه بري سرّع الاتفاق بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري ووزير الخارجية والمغتربين (وزير الطاقة سابقا) جبران باسيل في يوليو الفائت بدء مراحل السير العملي بتفاصيل ملف الغاز والنفط. فبعد أن اتفق الطرفان على تلزيم "بلوكين" أحدهما في الجنوب والثاني في الشمال كان لا بدّ من أن يجترح لبنان فكرة لا تزال قيد التحقق من إمكانية تنفيذها وهي الاستناد إلى القرار 1701 لترسيم الحدود البحرية، كما كان هذا القرار صالحا لترسيم الحدود البرية إبان حرب تموز 2006. في هذا الإطار تشكك مصادر "أممية" تحدثت ل"الرياض" في إمكانية اتخاذ هذا القرار مظلّة لموضوع مماثل وخصوصا أنه لا ينصّ في أي من فقراته على ترسيم الحدود البحرية. إلا أن أحد الخبراء في ترسيم الحدود البحرية قال ل"الرياض" بأنّ "القرار 1701 الذي صدر إبان حرب تموز عام 2006 لم يحدد في فقراته الحدود البرية بل إن تفويضه يشمل أيضا الحدود البحرية وهذا مدوّن في محاضر الأممالمتحدة التي حصلت في النقاشات حول نشر قوات "اليونيفيل" البحرية في المياه الإقليمية اللبنانية". بدأ هذا التحريك لملف النفط والغاز من إضطرار لبنان لإيجاد حلول سريعة لمشكلة ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل وخصوصا بعد اتفاق بري - باسيل ولا سيّما وأنّ إحدى العواقب تتعلق بوجود "بلوك" في الجنوب على الحدود مع إسرائيل يستوجب تلزيمه حل هذه المسألة الحدودية لكي تتجرأ الشركات المعنية على الاستثمار بلا مخاوف قانونية أو أمنية، علما بأن إسرائيل أعلنت أخيرا بأنها لن تقرب من "البلوكات" المشتركة في حدودها الشمالية مع لبنان. السائد في المقاربة اللبنانية لهذا الملفّ هو التركيز دوما على مخاطر العوامل الخارجية ومنها على سبيل المثال: ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل والتي عقدتها أكثر الاتفاقية بين لبنانوقبرص (عام 2007) والتي استخدم فيها لبنان النقطة رقم 1 لحدوده البحرية قبل استكمال ترسيم منطقته الاقتصادية الخالصة، وقد اعتمدت الاتفاقية الإسرائيلية - القبرصية عام 2010 النقطة رقم (1) التي حددها لبنان الذي ما لبث وأن بدّلها بالنقطة (23) بعد استكمال الترسيم وإرسال الإحداثيات إلى الأممالمتحدة، ما خلق منطقة نزاع مع إسرائيل مساحتها 860 كيلومترا مربّعا هي المنطقة المتنازع عليها حاليا وهذا الخطأ قد يكلّفه قسما من منطقته الاقتصادية الخالصة. أما التركيز الإعلامي والسياسي الآخر فهو على احتمال سرقة إسرائيل لجزء من الغاز اللبناني في الحقول المشتركة ومنها حقل "كاريش" الذي أطلقت عليه تسمية "البوابة" لسرقة النفط والغاز اللبناني، علما بأنّ الاستثمار الإسرائيلي في هذا الحقل دونه عقبات عدة في الداخل الإسرائيلي بحسب خبراء بسبب خلافات جوهرية حول احتكار إحدى الشركات لإدارة هذا القطاع، وبسبب عدم إيجاد طريقة بعد لنقل الغاز وتصديره، والمعروف بأنّ الغاز ينقل بطريقتين: إما أنابيب أو عبر تقنية "أل أن جي"(أي الغاز الطبيعي المسال) التي لم تطبق لصعوبتها وكلفتها. لذا قررت إسرائيل استخدام الأنابيب للوصول إلى تركيا ومنها إلى أوروبا. ولاتزال أمامها عقبة قبرص والجميع يتدخل لحل العقدة القبرصية لمساعدة إسرائيل على نقل غازها الى أوروبا، وبالتالي ليس من خطر بعد لاستثمار سريع في هذا الحقل. ويقول أحد الخبراء "إذا اتخذ القرار ببدء الاستثمار غدا فإن أي عمل لن يبدأ فعليا قبل 5 أعوام، وبالتالي فإن الخطر الوحيد لتأخير لبنان بإقرار المراسيم وبدء العمل يكمن في خسارة الأفضلية في الأسواق لكن التوجه نحو عصر الغاز يقلل من تداعيات هذا الخطر". ويشير هذا الخبير الى أنّ "الخوف من سرقة الداخل هو داهم أكثر من خطر السرقة الإسرائيلية غير الموجود حاليا أو من ترسيم الحدود". ثمة مشاكل داخلية عدّة تعوق عمل هذا القطاع، من الفساد إلى الخلاف على الحصص وتلزيم الشركات المحلية للشؤون اللوجستية والتي لها مكاسب كبرى وسواها... وهذه المشاكل لا ضوابط لها. من هنا يحاول المسؤولون اللبنانيون لعب ورقة الخارج كترسيم الحدود مع إسرائيل وإشاعة بأن إسرائيل س"تشفط" الغاز علما بأن لا إثباتات حول هذا الموضوع بعد ويقول الخبير المذكور: "نعتقد أن لا مجال تقنيا لسرقة الغاز". المرسومان الشهيران ما ينقص السير الفعلي في عمل هذا القطاع اليوم هو 3 أمور تتيح للحكومة اللبنانية أن تتعاقد مع الشركات المهتمة بالاستثمار: أولا، تحديد الدولة اللبنانية لنموذج العقود الذي ستوقعه والذي على أساسه سوف تتفاوض مع الشركات المرشحة لنيل التراخيص، للتذكير فإن عدد الشركات التي رست عليها جولة التأهيل السابقة لدخول جولة التراخيص العتيدة وذلك في سنة 2013 هو 46 شركة بات يحق لها خوض جولة التراخيص الأولى، أما المرسوم الثاني فيتعلق بتحديد "البلوكات" العشرة بغية السير بالعقد ومعرفة كيفية تقسيم البلوكات وتلزميها، فالبلوكات مقسّمة 10 على الخريطة لكنّ الدولة اللبنانية لم تقرّ بعد موقع هذه البلوكات ضمن "الأوفشور". كذلك يجب إصدار القانون الضريبي المخصص لقطاع الغاز والنفط وهو مختلف عن القانون الضريبي الحالي. جبران باسيل