نكبر وتكبر معنا أحلامنا. ولئن كانت الأحلام الشخصية تمثل أماني صاحبها إلا أن الأحلام الوطنية تمثل كل ما للوطن من مستقبل مشرق. هذه الأحلام يشترك فيها الجميع.. مسؤولون ومواطنون. ومهما كانت صياغة تلك الأحلام إلا أنها جميعا تحاول أن تضع الوطن في مصاف الدول المتقدمة وأن تضع المواطن في الموقع التي يستحقه.. قد تختلف الأولويات بين الدول ولكنها تشترك في ذات الأهداف. خلال عقود بسيطة مضت رأينا بأم أعيننا كيف أن هذه الأحلام ارتقت بأوطان إلى مصاف الدول المتقدمة، بينما هوت بأخرى إلى مصاف الدول الفاشلة. فسنغافورة وماليزيا وكوريا الجنوبية وفيتنام استطاعت أن تقطع مسافات متفاوتة في تحقيق أحلامها الوطنية لدرجة أن بعضها أصبح يحتل المراكز الأولى في الخدمات المقدمة لمواطنيها كسنغافورةوكوريا الجنوبية، والبقية تسير على ذات الدرب. ما أجمل أن يبهر التنظيم والنظام الاجتماعي والخدمات المقدمة في كوريا الجنوبية مواطني الدول الأوروبية لدرجة يتمنون معها أن يصلوا إلى مستوى كوريا.. وما أجمل أن يحتل النظام الصحي في سنغافورة موقعا متقدما على أمريكا ودول أوروبية متقدمة. في مقابل هذه الصور المشرقة التي تمت بلا جلبة هناك نماذج من الأحلام هوت بأوطانها في مستنقع الفوضى والفساد والدمار، فذلك العراق يسير وفق ما أراده من كان يحلم بإنهاء نظام صدام، ولكنه أوجد ما هو أسوأ من المرحلة الصدامية بينما كان يحلم بالحرية والعدل والتقدم قبل أن يصبح في موضع اتخاذ القرار، ومثل ذلك يحدث في إيران الملالي والإرهاب والإعدامات والقهر والفقر بينما كان الدافع الرئيس للثورة الإيرانية هو الظلم الاجتماعي والطغيان الشاهنشاهي. هذه الصور المتناقضة في دول شرق آسيا وغربها هي محصلة لأحلام وردية من كلا الفريقين لأوطانهم. ولهذا فإن من الأهمية بمكان على بقية دول المنطقة الطامحة إلى التطور التي تعيش ذات الأحلام استيعاب تلك التجارب الإقليمية لكي لا تقع في أفخاخ من صنعها، فكل ما يحدث في العراق هو نتاج سياسات خاطئة برغم حسن النوايا. إن نجاح الدول في تحقيق أحلامها لم يأت اعتباطا؛ بل جاء بخطط متقنة تقبل النقد والمراجعة وتصب في خانة المصلحة الوطنية، وعلى من أراد النجاح أن يستفيد من الفريقين؛ الناجح كيف نجح لتبني خططه، والفاشل كيف فشل لتجنب مآله. الملاحظ أن الدول التي تحققت فيها الأحلام تعد من أفضل الدول في معايير النزاهة بينما تقبع الدول الفاشلة في ذيل قائمة النزاهة، أو فلنقل تحتل المراكز الأولى في الدول الأكثر فسادا.