أبيات الشعر والقصائد يفترض فيها كشرط أساسي لتلقيها بالقبول امتزاجها بالتلقائية، والمبادرة العفوية، وبدونها لن يتميز شيء منها حتى وإن كان شاعرها قد حشد حولها قدراته اللغوية والبيانية والبلاغية والخيال والتصورات والصور الفنية ذلك لأنها تبدو علامات الجمود بادية ظاهرة فيها. ولأن القصيدة تولد من حس وشعور، وهاجس يجده الموهوب حاضرا عندما يتأثر بما حوله فإن العبرة فيما يقوله الشاعر متضمنا لهذه الصفة وليس لعدد القصائد التي قالها أو يقولها، فما لم تمتزج بالحس وبالعفوية والتلقائية فإنها لن تتصدر قائمة المفضل لدى المتلقي، وهو بالطبع يميز هذه الخصائص في القصيد وتستجيب الذائقة لديه وهو يختار بنفسه لا يفرض عليه شيء. وأجمل القصائد ما كانت من شعور حقيقي، سواء ترجمها صاحبها بالشكل المناسب وأوصل فكرته وهاجسه أو عجزت أدوات التعبير لديه. وتبقى ميزة الشعر وعذوبته في عفويته وفي مضامينه التي تشد المتلقي في حال براعة الشاعر في قوله، فعندما يصف ينقل ما رأته عينه ولكن بمزيج من إحساسه وتحسين لعباراته، وأما الحماسة من الشاعر فللوسط تأثيره، فإذا سلمنا أن الشاعر يقول قصيدته بدافع من داخله متأثرا بحادثة وحالة مر بها، فإن الحماسة والحراك تأتي مع العدد لا من الانفراد، ومع المجموعة أكثر مما لو كان الشاعر في معزل، والحماسة وليدة المنافسة أو التحدي أو المسايرة والمشاركة. وهذه أيضا تفرز ثلاثة أساليب لا يغيب أحدها عن الشعراء في حال اجتماعهم أو تلاقيهم على ساحات النشر والتواصل في حالة أنس وصفاء، وهي: المحاورة، والمساجلة، والمجاراة، وهذا لا يعني غياب استعراض ما مضى من قصائد نظم أو بعض منها للشاعر نفسه أو لما يحفظ من أشعار غيره. والمحاورة: مأخوذة من الحوار، الفتل والنقض الفوري في حال وجود الشعراء اثنان أو أكثر في مكان واحد يسمع كل منهم الآخر، ويوجه القول له وربما تضمن البيت ما يخصه دون سواء بل ربما ذكر اسمه وأنه هو المقصود بما في البيت من وصف أو سؤال أو غيره. والمجاراة: أسلوب شعر يعني متابعة وموافقة أو معارضة دون مصادمة، فكما يجاري ويباري الماشي صديقه ويحادثه ويمشي في الاتجاه نفسه ويتقبل منه قوله وكأنه في معظم ما يقول موافقا له حتى ولو لم يكن كذلك، يأتي شاعر أو أكثر فيجاري شاعرا سبق بقصيدة فأعجب بها فوافق معناها قبولا للآخرين من حيث الفخامة والجودة والقوة، وما لم تكن كذلك فلن يجاريها أحد، كذلك التعلق بالمعنى لعمقه، فيكملون أو يتابعون أو يوافقون أو يعارضون بلباقة، ويجارونه ببدع قصيدة جديدة تكمل المعنى وتتعانق معه تبدي جديدا أو تتوافق معه وفي العموم تدل على رضاهم بما طرق من اتجاه وعرض من معنى و تدل على الاعجاب. وأما المساجلة فهي في اللغة: مصدر ساجل، والمساجلة الكلامية المباراة والمنافسة، كما تعني المناوبة، وتتضح من المساجلة بين شاعر وآخرين عندما يقدم الأول قصيدة ويبدأ الشاعر الآخر معتبرا آخر حرف بداية لما يريد قوله، وهكذا تبقى المباراة سجالا بينهم، وميزتها طول مدتها، كما أن من صفاتها عدم انتصار طرف على آخر، عكس شعر القلطة والرد الذي يحرص فيه الشاعر على التقليل ممن يقابله والانتصار عليه في القصيد فقط دون غيره. أرى شعر بعض الناس رشٍ بدون نذور الى مرّه العاصوف شاله ولا ثنا وهذه الأساليب بين الشعراء كثيرة ، فقد تكون باتفاق على البداية وربما كانت بحسب الظروف عندما تهيأ لمثل ذلك، فهذا يأتي ببيت والآخر بما يؤيده، وربما بقصيدة فيكون القصيد مستمراً يمتعهم ويمتع المتلقي إن وجد، وليس بالضرورة وجود أحد مع الشاعرين أو الثلاثة، حتى في المحاورة التي تجري في المناسبات، فقد تجري في أثناء رحلة على سيارة أو وسيلة أيا كانت أو في جلسات خاصة لا يحضرها جمهور، ولكنها رغبة الشعراء في استعراض ما عندهم سواء لهم أو مقتبسا من غيرهم. ومتعة الحوارات والمجاراة والردود والمساجلات تكتمل عندما يكون المقصود من القصائد إشاعة البهجة والأنس، وتكون مضامينها سهلة بسيطة، ليس فيها تعقيد ولا تخلو من الفكاهة أحيانا، كما أن مناسبتها تضيف لها الكثير من القبول، ومثالا على ذلك من قصيدة للشاعر عبدالله بن زويبن الحربى يصف فيها قدومه من الرياض بمرافقة الشاعر عبدالله بن عون العتيبى فى زيارة للشاعر بدر الحويفى الحربى ومن القصيدة: مشينا من العارض على صافي الماطور نهار السفر من لايدنّيه مادنا وعلى الباب الأيمن شاعر عتيبة المشهور ابن عون في طاروقه المنفرد غنا وانا والشويب نحسب ان اللحن مكسور نقول اعدل الطاروق واثر البلا منا ولقينا جسور تنطوي في بطون جسور وعلى واحد منهن على الرس ميلنا ولقينا الحويفي واقفٍ عند باب السور نطحنا بكلمة مرحبا حين حولنا وقلطنا وهو يقبل ويقفي كما المسعور يشعشع وعده بالتراحيب ياكلنا الايام لو ماهيب دايم فرح وسرور تعشن محمد والصحابة ماهو حنا يقول الخلاوي بالمثل قدمنا بعصور نعد الليالي والليالي يعدنا رد الشاعر عبدالله بن عون: انا والزميل منيف والمنهي المامور دعينا واجبنا لابوسلمان واذعنا على وسق جيبٍ كنه الريمي المذعور رفعنا الهجيني يوم فوقه توازنا بعد مافهق صلبوخ بادرت بالميسور نغني بيوتٍ من قصيد ماهوب النا وابو بدر جاوبنا ولا بان منه قصور ثلاثة ورابعنا رفض لايعاونا وابو بدر مثل مقدي الخور بالمقهور ليا شافنا تهنا الطريقه تماكنا هو الشاعر الكابر وانا الشاعر المكبور وكلام الصراحة من كمالة مراجلنا لو الشعر له لجنة عدالة وله دستور لابوبدر جزلات الجوايز تعدنا لاشك نحمد ربي على وضعنا المستور لجان القصايد مثل لجنة مزاينا أرى شعر بعض الناس رشٍ بدون نذور الى مرّه العاصوف شاله ولا ثنا على جرته تلقا وساع الفجوج دهور الى جا الفياض الضاميه ماسقاهنا كلامٍ رخيصٍ لو يصفق له الجمهور ولو شجعه ماراح منا ولا منا يحور ويدور بفكرته مايجي المحظور عن المنهج المعتاد ما هون ومثنا نجامل ولا نشره على العمي هن والعور الى مارضى اللي قبلنا كيف يرضنا ومزار الحويفي نعتلي به خشوم القور وعلى ضلع ابان وما تبين تبينا هشاشٍ بشاشٍ كل ماحصله مدمور ودماره على الخرفان والهيل والبنا