خالد الدوس* ودع العالم قبل أيام قلائل رقما صعبا في معادلة الكيمياء المعاصرة.. برحيل العالم الكيميائي العربي البروفيسور احمد زويل الذي توفي في الولاياتالمتحدةالامريكية بعد اصابته بمرض السرطان في النخاع الشوكي قبل ماينيف عن عامين قبل أن تتدهور حالته المرضية لينهي حياة عامرة وحافلة بالإنتاج الغزير والعطاء الوفير في علم الكيمياء المعاصر وتقنياته الحيوية. فمنذ نعومة أظفاره كان يحلم في أن يصبح عالما كبيرا تتفاعل في عقليته العبقرية مكونات الإبداع ومعطيات الاختراع بعد أن وضع والده على باب غرفته الصغيرة لافته مكتوبا عليها(الدكتور احمد)..! حفّزت عقله الباطن, وحركت موازين القوى الذهنية ليحول حلم الفتى المصري وأسرته إلى حقيقة تتحدث عنها الحقائق العلمية, ويخلدها العالم عقود من الزمن, بعد أن ساهم بعبقريته الفطرية في نشر الثقافة العلمية والأفكار التنويرية وتعزيز مفهوم التفكير العقلاني في المجتمع الانساني المعاصر بأبحاثه الرصينة في العلوم الكيميائية والفيزيائية التي أحدثت ثورة في الأوساط العلمية, كانت سيرة ريادية مليئة بالمنجزات العلمية والمكتسبات البحثية فهو أول عالم عربي يتوج بجائزة نوبل في مجال الكيمياء الفيزيائية عام 1999, وحاز على أكثر من 30 جائزة دولية, كما نشر بعبقرية الزمان والمكان اكثر من 350 بحثا علميا في مضمار علم الكيمياء الفيزيائية وتحدياته العناصرية والليزرية ليتوج اسمه ضمن افضل 18 عالما في الكيمياء الفيزيائية في العالم, ورشح أيضا ضمن قائمة أهم علماء الليزر في الولاياتالمتحدةالأمريكية, وتضم هذه القائمة العباقرة اينشتاين وجراهام بل بعد أن احدث بنتاجه العلمي وعبقريته الكيميائية انقلابا مدويا في الأوساط العلمية ليتقلد وفي خضم هذه المنجزات العلمية والإنتاج البحثي الغزير منصب مدير معمل العلوم الذرية, وأستاذ رئيسي لعلم الكيمياء الفيزيائية في اكبر الجامعات العلمية في أمريكا (جامعة كالتك), إلى جانب عمله كأستاذ زائر في أكثر من عشر جامعات ومعاهد بحوث بالعالم. الجميل في سيرة عالمنا الراحل أنه كان يقضي ساعات طوالاً في المعامل الكيميائية والمختبرات الفيزيائية بحثا عن تسجيل منجزات عربية علمية, وتوّجها عندما اخرج لنا علما جديدا ولد من رحم الرغبة والتفاؤل والإصرار القوي تمثل في (علم كيمياء الفيمتو) الذي نال على ضوئه جائزة نوبل في الكيمياء, والانجاز العلمي الذي صنعه مع فريق جامعة كاليفورنيا للتكنولوجيا(كالتك) تمثل في ايجاد طريقه لرصد الزمن على مستوى جزء من مليون من بليون من الثانية وهو ال (فيمتو ثانية) Femtosecond وبعبارة اخرى تساوي ال( فيمتوثانية) جزءا من "نانو ثانية" وبالتالي توصل إلى مايسمى تجميد الزمن, وتبعا لذلك أصبح من الممكن رؤية تفاعل الذرات والجزيئات داخل المادة في أشكالها كافة فخدم منجزه العلمي الانسانية لتوّصله في التعرف على الكثير من الأمراض بسرعة ومنها أمراض الأورام حمانا الله منها, ولا مناص أن بقاء البروفيسور احمد زويل داخل المعامل الابتكارية والمختبرات الكيميائية ساعات طوالاً ليعيد زويل منهج الاحتراف العلمي والبقاء في دائرة البحث التجريبي فخرج بعد رحلة في عمق العلم الابتكاري منتصرا لإرادته وعبقريته بإنجاز علمي ضخم استحق عليه لقب ( أبو علم كيمياء الفيمتو) سجله التاريخ في قائمة عباقرة العصر وأعاد للعالم العربي حضارته العلمية في الكيمياء الفيزيائية بعد أن توقفت عنوة عند آخر اختراع عربي للمؤسس الأول لعلم الضوئيات العالم المسلم الفيزيائي الحسن ابن الهيثم قبل عدة قرون فارطة. * باحث اكاديمي