إلى الآن لم تتضح الأهداف والمهام الموكلة للمجلس الأعلى للأسرة، فبعد إقراره من المجلس الأعلى لدول مجلس التعاون، سبقتنا بعض دول الخليج في تطبيقه، داخل إطار من الأهداف التي تتوافق لكل دولة على حدة، بعد أن بات هذا المجلس ضرورة إدارية ملحة ومظلة وطنية لدعم وتنسيق العمل التشاركي الذي يجمع كافة المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، المعنية بالعمل من أجل حماية الأسرة. وهي الخطوة التي انتظرها المجتمع طويلا ولاسيما النساء، نتيجة وجود الكثير من الفراغات التشريعية والقانونية المتعلقة بقضايا المرأة/المواطنة، والتي تحتاج العديد من المبادرات والجهد لترميم هذا الفراغ. فكثير من الصيغ القانونية والإدارية المتعلقة بالمرأة ما برحت في حيز الهامش المؤجل خارج دوائر صناعة القرار بل خارج الهيكلية الإدارية للدولة. بينما من ناحية أخرى نجد أن المؤسسة العدلية المعنية بصياغة التشريعات المتعلقة بالأسرة تعمل بحذر وتردد في هذا المجال، لذا كثيرا ما نلاحظ عند صياغة بعض الأنظمة على المستوى الإداري أنه يتم توظيف اجتهادات فقهية لاتراعي تبدل الأحوال والأزمان، كقضية الولاية على المرأة، التي كانت تنحصر في ولاية الزواج، بل إن بعض المذاهب كالحنفية جعلت الولاية في زواج الحرة البالغة العاقلة ولاية ندب واستحباب. لكننا بتنا الآن نجد أن هذه الولاية تفشت وامتدت لتطال جميع شؤون الحياة كشبكة عنكبوتية من الوصاية تعيق قيام المواطنة بشؤونها ومتطلباتها، وتحول الرأي الفقهي الأحادي إلى قانون يستعمل ذراع الدولة ضد المواطنات دون وجه حق. ايضا ظلت تجربة تعليم البنات بلا قانون يحميها لمدة 50 عاما من بداية تعليم البنات قبل أن تصدر إلزامية تعليم الفتيات في سن السادسة، ونصف قرن أعتقد بأنه هدر كبير من عمر المسيرة الحضارية. وبالمقابل نجد أن الكثير من المكتسبات التي حققتها المرأة السعودية مؤخرا أتى نتيجة تنظيم إداري وتنموي متعلق بحقوق مواطنتها.. بما في ذلك حقها في التعليم، والمشاركة في مجلس الشورى، والاستقلال ببطاقة الهوية، وحتى مشاركتها في تمثيل وطنها رياضيا. وأعتقد أن هذا الأمر يرجع إلى تبلور شخصية المرأة الوطنية بشكلها الكامل، كمواطنة لها حقوق وواجبات كجزء جوهري في مواطنتها، وشريك تنموي أساسي لابد أن يتم استثمار مواهبه وقدراته من جهة، وبالشكل الذي يمنحها الملاءة الاقتصادية واستقلالية القرار. وذلك تحت مظلة قانونية تحمي مكتسباتها وتسرع في تمكينها. [email protected]