أعلنت الحكومة المدنية الجديدة في ميانمار أن اجتثاث المخدرات غير المشروعة يشكل أولوية قصوى لها. ووجهت "مستشارة الدولة" اونغ سان سو تشي، وزراء الحكومة، بتنفيذ خطة مكثفة خلال 100 يوم مع بداية مايو الماضي، وفقا ل"يو زاو هتاي"، نائب المدير العام لمكتب الرئيس. وكان برلمان ميانمار قد أقر مشروع قانون يمنح زعيمة الحزب الحاكم، أونغ سان سو تشي، صلاحيات شبيهة بصلاحيات رئيس الوزراء، ويتضمن المشروع استحداث منصب "مستشار الدولة" حيث يحظر دستور ميانمار ترشح من لديه زوجة أو أطفال أجانب لشغل هذا المنصب، ولدى أونغ سان سو تشي ولدان يحملان الجنسية البريطانية. وقال زاو هتاي "المخدرات تشكل خطرا كبيرا لشعبنا، وخاصة للشباب". وضبط مسؤولون في يونيو الماضي، قرب الحدود مع الصين، 21 مليون قرصا من عقار الميثامفيتامين، تبلغ قيمتها السوقية نحو 35 مليون دولار أميركي. وتعد تلك ثاني أكبر شحنة يتم ضبطها فى البلاد، بعد أن عثرت السلطات في يوليو الماضي على نحو 27 مليون قرص من الميثامفيتامين بقيمة 106 ملايين دولار في سيارة مهجورة في يانغون. وقالت الشرطة إنه تم القاء القبض على عشرات الأشخاص واستجوابهم ووجهت إليهم اتهامات، ولكن دون ثبوت الاتهام على أي منهم. وقال ضابط كبير في مقر الشرطة في ناي بي تاو، طلب عدم ذكر اسمه "إن تجار المخدرات الرئيسيين في القضايا الكبيرة، أعني بالنسبة لهاتين الحالتين، لم يقبض عليهم بعد". وأضاف الضابط "نحن نعرف من هم العقول المدبرة للاتجار بالمخدرات، ومع ذلك، فإنه يكاد يكون من المستحيل القبض عليهم في الوقت الراهن". وقال "إنهم رجال أعمال ذوو صلات جيدة. بعضهم يحميه المتمردون، والبعض الآخر له علاقة وثيقة بجنرالات نافذين في الجيش". وتابع الضابط "نعتقد أن المخدرات التي ضبطناها ليست سوى جزء صغير من المخدرات المنتجة في البلاد، إنه أمر مخيب للآمال ويصيبنا بالخجل". ومددت ميانمار، ثاني أكبر منتج للهيروين في العالم، خطة للقضاء على المخدرات مدتها 15 عاما لخمس سنوات أخرى حتى عام 2019، ولكنها لا تزال تشهد ارتفاعا في الإنتاج. وقال نائب وزير الداخلية الميجور جنرال أونغ سو إن المشتبه بهم يتنقلون ومراوغون، وغالبا ما يكونون بحماية الجماعات المسلحة في المناطق الحدودية التي يسيطر عليها المتمردون. وأضاف أمام البرلمان في يونيو الماضي "بدون تعاون من المتمردين العرقيين، لا يمكن أن نحقق أي نجاح في الحرب على المخدرات". وشهدت ميانمار واحدة من أطول الحروب الأهلية في العالم وأكثرها تعقيدا، إذ كانت العشرات من الجماعات المسلحة في مناطق الأقليات العرقية المتنوعة تقاتل الحكومة المركزية من أجل حكم ذاتي واسع النطاق بعد فترة وجيزة من استقلال البلاد عن بريطانيا في عام .1948 وقال ياود سيرك، وهو رئيس مجلس استرداد ولاية شان / جيش ولاية شان، أحد أكبر الجماعات المتمردة في ميانمار، إن تجارة المخدرات غير المشروعة ازدهرت أثناء النزاع، لأن كلا من الجيش والمتمردين استخدم الأفيون لتمويل أنفسهم. وأضاف ياود سيرك عبر الهاتف "في الأيام الأولى، كان الأفيون عملة المتمردين، والآن يذهب معظمه للقوات المسلحة والميليشيات المتحالفة معها". وقال إن الجيش يستخدم تجارة المخدرات لتمويل الميليشيات المحلية التي تحمي مصالحه في مناطق الأقليات العرقية، خاصة في ولاية شان بشرق البلاد، وولاية كاتشين في الشمال. وتابع ياود سيرك أنه " لم يعد بالإمكان لوم المتمردين العرقيين وحدهم على تجارة المخدرات، فمعظم المناطق المزروعة بالخشخاش تخضع لسيطرة المليشيات المحلية". وخلافا لحرس الحدود، الذين هم رسميا جزء من الجيش، فقوات الميليشيات ليست جزءا من الميزانية العسكرية. وغالبا ما يتم تمويل أسلحتها وذخائرها ومؤنها من خلال الاتجار غير المشروع. وقالت الناشطة البارزة في ولاية كاتشين، خون جا، إن هذا الوضع ساهم في تغذية الاقتصاد السري للمخدرات والموارد الطبيعية. وأضافت "المخدرات، وخشب الساج، والبنادق هي المصادر الرئيسية للدخل بالنسبة للميليشيات في ولاية كاتشين". وفي عام 2016 كان استحوذت ميانمارعلى نسبة 20 في المئة من 218 ألف هكتار في العالم مزروعة بالخشخاش ، ما يقدر ب 55500 هكتار، وفقا لمكتب الأممالمتحدة المعني بالمخدرات والجريمة. وبلغ إنتاجها من الأفيون 650 طنا، ما يمثل 14 في المئة من الإنتاج العالمي المقدر ب 4770 طنا، بحسب تقرير المخدرات العالمي لعام 2016 الصادر عن المكتب. وقال ناشطون محليون إن محاولاتهم من أجل القضاء على محاصيل الخشخاش قوبلت بمقاومة عسكرية. وتعرض نحو 3000 من أعضاء جماعة الأمن المسيحية الأهلية لمكافحة المخدرات المسماة "بات جاسان" لمواجهة لمدة أسبوع مع الشرطة عندما حاولوا اتلاف حقول الخشخاش التي تسيطر عليها الميليشيات في ولاية كاتشين، وتعرضوا للهجوم أخيرا من قبل مسلحين مجهولين. وثارت مزاعم أن الحقول مملوكة للزعيم المحلي، زاهكاونج تينغ ينغ، من الجيش الديمقراطي الجديد-كاتشين، الذي أصبح حزبا سياسيا في عام .1999