اتبعت إدارات عدد من الأندية سياسة لافتة في استقطاب اللاعبين الأجانب من خلال التعاقد مع الأسماء التي سجلت نجاحاً في الملاعب السعودية، وتهدف من وراء ذلك إلى الابتعاد عن فخ السماسرة من جهة، والخوف من فشل اللاعبين الذين يحضرون إلى ملاعبنا لأول مرة سواءً لعدم قدرتهم على التكيف مع الأجواء لدينا أو مع عاداتنا وتقاليدينا من جهة ثانية، وأثبتت التجارب السابقة نجاح هذه الرؤية والتوجه إلى حد كبير، واستفادت منها عدد من الفرق التي انتهجتها، إذ كسبت لاعبين أجانب مميزين، ساعدهم في التألق معرفتهم الجيدة بالفرق المحلية، إضافة إلى تكيفهم مع أجوائنا. وإذا ماعدنا بالذاكرة إلى الوراء نجد أن عدداً كبيراً من اللاعبين الأجانب الذين تألقوا في الدوري السعودي وكسبوا شعبية كبيرة فعلوا ذلك بعد عملية تدويرهم، من خلال نجاحهم مع أول فريق جلبهم للملاعب السعودية، ومن ثم انتقالهم إلى فريق آخر وتقديم مستويات مميزة معه، وهناك حالات للاعبين أجانب لم يفلحوا في أولى التجارب، وبعد الانتقال إلى ناد محلي آخر قدموا مردودا فنيا عاليا جعل النادي الذي أحضرهم أول مرة يعض أصابع الندم بسبب التفريط. سيرجيو وبهجا ومن بين الأسماء التي ينطبق عليها ذلك على سبيل المثال لا الحصر المهاجم البرازيلي سيريجيو ركاردو الذي ارتدى اولاً شعار الأهلي وتألق معه، وكرر نجاحاته مع الهلال ثم وصل إلى القمة مع الاتحاد، وبمناسبة الحديث عن "الزعيم والعميد" نتذكر جيداً التجربة الناجحة للمهاجم المغربي أحمد بهجا عندما ارتدى شعار الناديين، عاد بعدها وخاض تجربة ثالثة مع النصر وإن كانت غير ناجحة مقارنة بسابقتيها، ونجحت إدارة الشباب في وقت سابق عندما تعاقدت مع مدافع الاتحاد البرازيلي لاندومار بعد تألقه مع الأول، واستطاع أن يحقق مع "الليث" لقب الدوري السعودي، ونتذكر جيداً سنغالي النصر البارز مامادوصو الذي قدم من الطائي، ولعب السنغالي حمادجي دور الرحال بين الأندية السعودية، إذ تنقل بين الطائي والوحدة والحزم ونجران، وفي فترة من الفترات جعل الشباب النهج الذي نتحدث عنه سياسة له، وبرهن على نجاحه اللافت فيها، عندما احضرت إدارته لاعب الوسط البرازيلي كماتشو وابن جلدته المدافع تفاريس بعد تجربتين ناجحتين لهما مع "الأزرق"، وفعل ذلك أيضاً مع مواطنهم لاعب وسط الاتحاد ويندل، وكسب خدمات مهاجم الاتفاق الارجنتيني تيغالي الذي اصبح أحد ابرز المهاجمين الذين ارتدوا شعاره على مر التاريخ. د. الخالد: مدربو الأندية تحولوا إلى سماسرة الحوسني والتون ومن ضمن اللاعبين المميزين الذين يندرجون تحت سياسة تدوير الأجانب المهاجم العماني عماد الحوسني، إذ حضر أول مرة للرياض، وانتقل بعدها للأهلي واصبح اسماً بارزاً في هجومه، اتجه بعدها إلى النصر، واذا ماتحدثنا عن الأعوام الأخيرة يعتبر لاعب الوسط البرازيلي التون جوزيه من أبرز الأسماء التي تنقلت بين الفرق السعودية، فالتجربة الأولى كانت مع النصر، لكن الحضور الأفضل له كان بشعار الفتح اذ قاده إلى تحقيق انجاز تاريخي يتمثل في تحقيق لقب الدوري السعودي، وحضر لاعب الوسط الأردني شادي ابو هشهش إلى التعاون وسجل أول حضور له في الملاعب السعودية عام 2011م، انتقل بعدها مباشرة إلى الفتح وحقق معه لقب الدوري السعودي، وهو ما ارفع اسهمه وجعله هدفاً للتعاونيين مرة ثانية عام 2013م اذ اعادوه مجدداً واعتزل معهم وتحول إلى احد افراد الجهاز الفني المرافق للمدرب البرتغالي غوميز. وفي الموسم الجديد سيتواجد أكثر من اسم أجنبي ينتمي للاعبين الذين تنقلوا بين أنديتنا وفضلت إدارات الأندية جلبهم وابقاءهم في ملاعبنا، مفضلة عدم المجازفة بإحضار أسماء غير مألوفة نجاحها غير مضمون للظروف التي ذكرت في وقت سابق، ويتقدم الأسماء التون، ولاعب وسط التعاون جهاد الحسين الذي لبس اولاً شعار نجران عام 2011م لمدة عامين، وعاد في 2014م عبر بوابة "سكري القصيم"، وتمكن من فرض وجوده حتى انه صنف من بين افضل اللاعبين الأجانب في الدوري السعودي، وفي الموسم الماضي اعاد القادسية المهاجم البرازيلي جادسون سانتوس الذي سبق وأن لعب مع "مارد الجنوب" في 2013م، وسيرتدي سانتوس هذا الموسم شعار الخليج بعد أن تعاقد معه الأخير، وبعد مستوياته المميزة مع نجران في الموسم الماضي تعاقد القدساويون مع المهاجم البرازيلي بيسمارك فيريرا، كما سيلعب مواطنه ادريانو الفيس مع الرائد قادماً من ذات الفريق ايضاً. أمر ايجابي المدرب السعودي الدكتور عبدالعزيز الخالد تحدث ل "الرياض" عن توجه بعض الأندية نحو اتباع سياسة التدوير بقوله: "برأيي أنه الحل الأفضل إذا كان اللاعب مميزا ونجح مع أحد الفرق، وسجل حضوراً ممتازاً وصاحب تجربة ولا يعاني من أي اصابات، ومعروف بانضباطه والتزامه، هذا أمر إيجابي، المهم أن يكون استقطابه للنادي بعين فنية، أي أن من اختاره فني يحدد مدى الحاجة له والمركز الذي يلعب فيه، وهل تتناسب طريقة لعبه مع أسلوب الفريق، كلها جوانب مهمة، وعموماً هي ظاهرة صحية، ومثلما قلت إن الأهم أن يكون لاعبا مميزا، والا يكون السبب وراء اختياره إداريا، أي أن الإدارة تحضره حتى تريح نفسها من استقطاب لاعب جديد، وتقول هذا اللاعب جاهز ولا يحتاج إلى اجراءات إدارية طويلة عريضة، انا مؤيد لهذه السياسة بشرط أن يكون اللاعب الأجنبي بالفعل مقنعاَ فنياً ويحتاجه الفريق". وحول السبب الذي يغري الأندية بمثل هذه التجارب أجاب: "الجزئية الأولى أن بعض الأندية لا تتحرك إلا في اللحظات الأخيرة من فترة التسجيل، للأسف لا نعمل في منتصف الموسم حتى نعد الفريق للموسم المقبل، يفترض أن يكون هناك ترتيب بين الإدارة والجهاز الفني لمعرفة احتياجات الفريق على المدى الطويل، لذلك أحياناً من النكت أن هناك أندية لا تسجل لاعبيها إلا في آخر ربع ساعة من نهاية فترة التسجيل، ولاحظنا ذلك بشكل متكرر، وهناك من يطالب بتمديد الفترة عشر دقائق، طيب كان لديك فترة تسجيل كاملة كان يفترض استغلالها، ليس في المفاوضات بل التوقيع مباشرة، لأن المنطق يقول إنك عرفت احتياجاتك في منتصف الموسم ودخل في مفاوضات مع نهاية العام على أقل تقدير، لكن في الواقع أن هذا الأمر غائب وهو مؤسف حقاً، وأسباب غيابه إدارية أو مالية، بالإضافة إلى تغيير المدربين، كل هذه الأشياء تعاني منها الكرة السعوية، وتقودنا إلى التأكيد مجدداً على مسألة معاناة أنديتنا من ارتجالية إداراتها". «اليوتيوب» ليس مقياساً.. وعلى مسؤولينا تقليص عدد الأجانب وأضاف: "بعض الإدارات تشاهد مستوى اللاعب الأجنبي في ملاعبنا، فتقرر اختياره وجلبه، ويكون الاختيار إداريا، ومبرراتها واضحة أن اللاعب ناجح في النادي الفلاني وشاهدنا مستوياته وعروضه، لكنها تجهل أنه احتمال لا ينجح إذا انتقل إليك، مسألة نجاحه مع غيرك ليس معناه نجاحه معك، فالأدوات والفريق والطموحات تختلف من فريق لآخر، برأيي أن انديتنا تتجه نحو هذه السياسة لأسباب إدارية، فالتعاقد مع أجانب من هذا النوع أريح لها، إضافة إلى ان الإدارة تبحث عن جلب لاعب وهي مرتاحة له وواثقة من قدرته على التأقلم مع دورينا والأجواء، بالإضافة إلى تأقلمه مع النواحي المالية لأنديتنا وظروفها وتأخر مستحقاته، وما إلى ذلك، كل هذا من وجهة نظري يختصر المسافة على الطرفين، وانا مع هذا التوجه لأن احتمالات عدة ممكنة عندما تحضر لاعب لأول مرة إلى ملاعبنا، هل يتأقلم أم لا؟، ينسجم أو يعاني من هذه الناحية؟، هناك عوامل تربك العمل الفني وتنعكس سلبياً على اللاعبين، بدليل وجود لاعبين مميزين لهم اسمهم ومكانتهم خارج السعودية، لكن عندما يلعبون في ملاعبنا لا يقدمون المأمول منهم، بل يشكلون عبئاً مادياً وفنياً". تقليص الأجانب وطالب الخالد بتقليص عدد اللاعبين الأجانب بقوله: "بمناسبة الحديث عن اللاعبين الأجانب، أتمنى اتحاد الكرة والهيئة العامة للرياضة مناقشة قضية اللاعبين الاجانب وعددهم، هم الآن يمثلون 40 في المئة من الفريق الأساسي، اتمنى تقليصهم إلى لاعبين اثنين، حتى لو كان نظام الاتحاد الآسيوي وبطولاته مختلفا، فالسعودية لديها عدد كبير من اللاعبين، والفرق الأولمبية تقدم لنا مواهب مميزة لكن مصيرهم ينتهي بالتنسيق بسبب عدم منحهم فرصة اللعب مع الفريق الأول، كونها تذهب للاعب الأجنبي، وفي هذه الحالة يخسر النادي مالياً على الأجانب الذين يستولون على مقاعد اللاعبين السعوديين القادرين على خدمة المنتخب السعودية مستقبلاً، لهذا السبب نواجه شحا واضحا في لاعبي الهجوم وقلب الدفاع". وحول السياسة المعاكسة التي تتبعها بعض الأندية بحرصها على إحضار اسماء جديدة، قال: "فيه أندية تقول لك لا انا احضر لاعبا جديد، وهذا النادي يكون مرتبط مع وكيل لاعبين، فتصبح الإختيارات عن طريقه، وهناك تعاون مشترك معه، وعلاقته بالنادي ممتازة وهو على تواصل دائم معه، وبعض الأندية مقتنع بأن نجاح اللاعب مع غيري ليس شرطاً بأنه سينجح معي، خصوصاً الأندية المنافسة، والدليل التون الذي لم يقدم مايستحق الذكر مع النصر، لكنه بعد انتقاله للفتح قدم مستويات كبيرة وقاده نحو تحقيق لقب الدوري، وبات اليوم مطلوباً من الأندية الكبيرة". واستطرد: "الاندية السعودية تعاني كثيراً من السماسرة، وللأسف أحياناً بعض المسؤولين يلعبون هذا الدور واتمنى الا تكون ظاهرة، هناك من يريد أن يكون التعاقد عن طريقه وهو صاحب المفاوضات والمنسق مع الوكيل ويأخذ عمولة، خصوصاً المدربين، إذ شاهدنا أكثر من مدرب يفرض لاعبين أحياناً مستوياتهم أسوأ من اللاعبين المحليين، ومع ذلك يمنحهم الفرصة على حساب اللاعب السعودي لأنه هو من جلبه وتعاقد معه، المدرب يحضر اللاعب الأجنبي عن طريقه ويأخذ عمولته من اللاعب، وهذا الشيء موجود ولا أحد يستطيع أن ينكره، لدينا مدربون كثر سمسروا على اللاعبين والأندية، تجده يحضر لك لاعبين من ذات الجنسية أو من لعب تحت قيادته في فترة سابقة، وبالمناسبة حتى المعسكرات لا تخلو من ذلك، بعضها توضع في بلد المدرب، فأنديتنا تتعرض إلى عملية جشع من عدد كبير من المدربين". واختتم الخالد تصريحه بقوله: "صحيح بعض الأندية تقع ضحية لمقالب اليوتيوب، فمقاطع اللاعبين ليست مقياسا، بل هناك أندية أحياناً تسير خلف الجماهير في التعاقدات، حيث يكون فيه مشجع عنده اهتمامات ومطلع على البطولات الأجنبية، وينصحهم باللاعب الفلاني، ويتعاقدون معه، بعض الأندية تتعاقد بدون رؤية فنية مما يسبب تكدسا في اللاعبين وتراكم في مركز معين، تجد ثلاثة أو اربعة مهاجمين، في المقابل تعاني من عدم وجود بديل واحد في خانات أخرى، وتوجد أندية تحضر لاعبين أجانب في خانة لديها فيها لاعبون سعوديون مميزون، مثلاً لديها مهاجمون محليون مميزون، ومع ذلك تتعاقد مع اجنبيين اثنين، وتكون طريقة المدرب اللعب بمهاجم واحد، مما يعني بقية الثلاثة مهاجمين في الاحتياط، رغم أن رواتبهم عالية، ومنهم محليون تخسرهم الكرة السعودية". التون تألق مع الفتح بعد أن أحضره النصر د. عبدالعزيز الخالد