آخر ما حرّك المشهد السياسي اللبناني كان فصل 4 قياديين من "التيار الوطني الحرّ" أكبر الأحزاب المسيحية وحليف "حزب الله" الذي يطرح إسم زعيمه العماد ميشال عون للرئاسية الأولى. ونال هذا الحدث مساحة في الوسط السياسي اللبناني وخصوصا مع صدور أصوات معترضة من أحزاب أخرى ظهرت في الانتخابات البلدية والإختيارية الأخيرة ومنها ما ظهر في "تيار المستقبل" وفي حركة "أمل" وفي "الكتائب اللبنانية" التي فصل رئيسها سامي الجميل وزير العمل سجعان قزّي لأنه لم يلتزم بقرار الحزب الإستقالة من حكومة الرئيس تمّام سلام. إضافة الى إلغاء الحزب القومي لرئاسة أسعد حردان بسبب الطعن فيها من قبل أحد الحزبيين. هذا الحراك تمظهر أخيرا بقوّة داخل "التيار الوطني الحرّ" وقد بدأت أصوات المعترضين تتعالى بعد اختيار (وزير الخارجية والمغتربين) جبران باسيل رئيسا له في حين كان هذا الطموح يدغدغ عدداً من القياديين فيه. في هذا الإطار يعتبر عدد من الناشطين العونيين بأن رئيس "التيار" جبران باسيل ليس إلا واجهة لتصويب السهام عليها في حين أن المقصود هو إصابة شخص العماد ميشال عون مباشرة ومعه "التيار المسيحي" الأقوى بحسب تعبيرهم. ويشير هؤلاء الى أنّ العماد عون يدرك هذه الحقيقة جيّدا ويعتبر أن في الأمر خيانة وغدرا. وبالرغم من كل ما ينشر عبر وسائل التواصل الإجتماعي من شعارات، يلتزم الناشطون العونيون بتعميم القيادة الحزبية بعدم المواجهة المباشرة مع المعترضين بغية عزلهم من جهة، ولأن الإهتمام ينصبّ على الإنتخابات التمهيدية التي بدأت أمس الأحد حيث ثمة 70 ناشطا في "التيار الوطني الحرّ" مرشحين لمنصب نائب في جميع الأقضية، وثمة إنتخابات داخلية في كل قضاء من أجل اختيار من سيكون نائبا على أن تخضع النتائج الى إحصاءات لاحقة والى دراسة معمقة من قيادة "التيار". وتتمظهر الحركة الإعتراضية أيضا في "تيار المستقبل" وهي تقع بين جيلين، جيل الرئيس الشهيد رفيق الحريري وهو جيل أتى من تجارب حزبية متعددة وعمل الى جانب الرئيس الشهيد، وجيل 14 آذار ومعظمه لم يعرف حزبا إلا العمل في داخل "تيار المستقبل". ولحسم التنافس بين الجيلين دعا رئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري الى مؤتمر تنظيمي عام سينعقد مطلع الخريف لإعادة تنظيم هيكلية "تيار المستقبل" ويحكى عن "كوتا شبابية" سيدخلها الحريري الى القيادات التنظيمية في "التيار الأزرق". من جهتها، تدور في أروقة حركة "أمل" نقاشات مستمرّة حول خلافة رئيس الحركة ورئيس المجلس النيابي نبيه برّي الذي يمسك بزمام الأمور وهو نجح لغاية اليوم في معالجة أية تباينات ناشئة بين الحزبيين. وفي المختصر فإن ثمة صراع أجيال داخل الأحزاب السياسية وليس ضدّها وهو سيؤدّي الى توازن جديد وليس الى فرط الأحزاب كما يتوهّم البعض، لأن "الأحزاب السياسية الرئيسيّة في لبنان قوية جدّا ومن يعتبر أنها ستنهار لا يكون ضليعا في السياسة اللبنانيّة" بحسب ما يشير المراقبون لتطوّر أحوال الأحزاب في لبنان.