يُمثل اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه واضطراب التوحد أحد أكثر الاضطرابات شيوعاً لدى الأطفال، ويصيب نحو 7 في المئة من أطفال العالم، ويلازم أكثر من 60 في المئة منهم حتى مرحلة الشباب، وهذه الاضطرابات هي حالة سلوكية مرضية، تتنوع أعراضها وتختلف حدتها من طفل لآخر، وقد تكون أسبابها وراثية، وقد تكون خلاف ذلك ذات صلة بالاضطرابات النفسية والسلوكية الأخرى لدى أولئك الأطفال المصابين. ويتم تشخيص الأطفال المصابين بهذه الاضطرابات بأنهم عاجزون عن التعلم فضلاً عن تأثيرات عدة على نواح عديدة من حياة المصاب مثل المعاناة من انعدام العلاقات الاجتماعية القوية، وصعوبة التركيز ونقص الانتباه والاندفاعية. وعلى الرغم من عدم وجود أدوية توصف كعلاج ناجع لتلك الاضطرابات، إلا أن العلاج الدوائي والسلوكي بات ذا دور محوري في إحداث تحسن ملحوظ لمجموعة من الأعراض المتنوعة، لا سيما عند استخدامه بالتزامن مع العلاج النفسي السلوكي والعلاج التربوي التعليمي، حيث أثبتت الدراسات أن تغيراً كبيراً قد طرأ على نحو 80-90 في المئة من الحالات التي خضعت للعلاج بالأدوية والعلاج السلوكي، مما يؤكد فعالية الأدوية. ولذلك، من الأهمية بمكان استخدام الأدوية المهدئة لمعالجة الأطفال المصابين بهذه الاضطرابات حتى يتسنى لهم الاستفادة قدر المستطاع من البرنامج التأهيلي والتركيز على التعلم، وهو ما لمسناه لدى الأطفال الذين اخضعوا للعلاج الدوائي حيث بدوا أكثر تحسناً من ذي قبل. وفي بدايات تعاملي مع هذه الحالات الصعبة والخاصة، كنت أؤثر تحويل بعض الحالات الصعبة إلى د. حسين الشمراني الاستشاري المعروف للسلوك والتوحد بمستشفى الملك فيصل التخصصي، والذي كان ينصحهم باستخدام العقاقير المهدئة للحركه وعقاقير للتركيز، الأمر الذي حقق نتائج ذات فوائد وليس لها من أضرار مستقبلاً - إن شاء الله. ومن خلال التجارب التي عشتها عن قرب، والخبرات التي اكتسبتها، أنصح ذوي الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه واضطراب التوحد باستخدام الأدوية لعلاج أبنائهم المصابين بهذه الاضطرابات منذ بداية توجههم إلى التسجيل في المدرسة؛ وذلك نظراً لحاجة الطفل للعلاج خلال فترة نموه لتعلم الكثير من المهارات بالإضافة للتحصيل الأكاديمي وحتى يتمكن من الالتحاق بالدمج مستقبلاً - بإذن الله - مع الاطفال العاديين. والعلاج الدوائي لا بد أن يتم تناوله بعد استشارة الطبيب المعالج للطفل، ولا شك أن له أعراضاً جانبية تختلف من علاج لآخر ومن طفل لآخر أيضاً، إلاّ أن فوائده أكثر من أعراضه الجانبية تلك؛ فجميع هذه الأدوية لا تزيل أعراض الاضطرابات، إلاّ أنها في المقابل تسيطر عليها لفترة زمنية لا بأس بها. وبما أن الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه واضطراب التوحد، شديدي الحركة، ويسببون الكثير من المتاعب للطرفين (الأسرة) و(المدرسة)، ويقلل من فرص تحصيلهم الأكاديمي؛ كان من المهم ايجاد وسيلة للتخفيف من فرط الحركة والتشتت، وإن كنت أرى أن التعامل مع أعراض كل نوع من أنواع الاضطرابات سواء كان فرط الحركة أو تشتت الانتباه أو اضطراب التوحد هو العلاج المتضمن للجانب الطبي والسلوكي والتربوي معاً. * مديرة مركز طفلي للرعاية النهارية