المؤامرة كلمة أصبحت دارجة على افواه العامة والخاصة وفي وسائل الاعلام المختلفة هذه الايام، وعلى الرغم من انها حقيقة ازلية الا ان المستفيدين منها نظروا لها على اساس انها نظرية وليست حقيقة، وزرعوا في الاذهان ان من يؤمن بها هم الجهلة وذلك كوسيلة للتخدير وصرف النظر عن كنهها والبحث عن مدبرها او المستفيد منها. على اية حال المؤامرة غير الثورة ضد الاستعمار والاحتلال وضد الخروج على الشرعية وهذا يعني ان نتائج المؤامرة كارثية على عكس الثورة اذا لم تجهضها المؤامرة كما حدث في سورية وغيرها.. وقد اختطف ذلك التنظير بعضا ممن يريد ان يظهر بانه مثقف من خلال الايحاء بانه لا يؤمن بحقيقة المؤامرة وانها محض نظرية وخيال ينتاب بعض الناس وانها مجرد وسيلة هروب من الواقع ومحاولة رمي التهم على الاخرين فهي نظرية قابلة للصح والخطأ، وذلك حتى يظل المستهدف مكانه ولا ينتبه او يتحرك لمواجهة ذلك على كافة المستويات كل حسب المسؤولية الملقاة على عاتقه طبقا لما يمليه عليه واجبه الوطني من خلال الالتزام بالنظام العام والمصلحة العليا للامة دون خروج على القيادة واجماع الامة. والمؤامرة قد تكون خارجية تساعدها قوى داخلية خارجة على الشرعية وقد تكون داخلية تعاضدها قوى خارجية. وعلى اية حال المؤامرة غير الثورة ضد الاستعمار والاحتلال وضد الخروج على الشرعية وهذا يعني ان نتائج المؤامرة كارثية على عكس الثورة اذا لم تجهضها المؤامرة كما حدث في سورية وغيرها.. نعم المؤامرة جزء لا يتجزأ من غريزة حب البقاء التي اودعها الله جلت قدرته في طبيعة وكينونة الكائنات الحية حيوانية او نباتية حيث القوي يتغذى على الضعيف ولكي يتم ذلك يتم اللجوء الى المؤامرة فالاسد يتآمر لاشباع غريزة الجوع والثعلب يتآمر، والاسماك الكبيرة تتآمر على الصغيرة لنفس الغاية وذلك على سبيل المثال لا الحصر وحتى الجراثيم والفيروسات تتآمر عندما تنخفض المقاومة وتقل المناعة وبذلك تحدث الامراض. والبشر في الحقيقة ليسوا استثناء من ذلك الا ان الله زود البشر بعقل يميزون به بين الحق والباطل، وبين الخطأ والصواب وارسل لهم الرسل وانزل عليهم الكتب السماوية التي تعلمهم وتقودهم الى الخير والصلاح مع انفسهم وفي التعامل مع الاخرين ومع ذلك ظل الحراك الانساني مشوبا بظواهر الظلم والتآمر وسفك الدماء لان ابليس لعنه الله والنفس الشريرة الامارة بالسوء يزينان للمتآمرين تلك الممارسات من خلال العدوان والتآمر لتحقيق قصب السبق في التنافس وحب الظهور والسيطرة والاستحواذ على حساب الاخرين حتى وان غلفت باسماء اخرى مثل الحماية او الدفاع عن المصالح والمنافع او تحت طائلة نشر الديمقراطية وحقوق الانسان في بعض الاحيان او تنفيذا لوعود توراتية او غيرها من المبررات والاجندات المختلقة؛ ولهذا يتم صنع الاسلحة ذات التدمير الشامل واقامة الجيوش الجرارة لغرضين اما من اجل الدفاع عن النفس وهذا حق مشروع لولا وجود المؤامرة لما كانت الحاجة اليها او من اجل العدوان واستقصاد الاخرين واحتلالهم والاستحواذ على ما لديهم من غنائم ومكتسبات او بغرض تدميرهم والقضاء عليهم بدوافع ومبررات متعددة من بينها الحقد والكراهية والثأر، كما ان اجهزة الاستخبارات تنشأ ايضا لهدفين اما للتحري وكشف مخططات الاعداء من اجل الاستعداد لهم وصدهم، او من اجل التخطيط والتآمر على الاخرين وهذا كله لا يتم الا من خلال المؤامرة. والذي يقرأ التاريخ القديم والحديث سوف يجد ان المؤامرة مجسدة بالحقائق التي تثبت انها جزء لا يتجزأ من الحراك البشري في سالف الزمان وفي حاضره الا ان المفارقة تتمثل في ان المؤامرة لا يمكن ان تنجح الا بوجود ثلاثة اطراف: المتآمَر عليه من ناحية، وبتكاتف طرفين فاعلين الاول وجود المتآمِر والثاني وجود الخائن داخل كيان المتأمَر عليه الذي يؤازره. فالمتأمر صائل معتد خطط واستعد واوجد المغريات للطرف الخائن الذي لا يعدو ان يكون طابورا خامسا داخل وطنه يخدم الاعداء ويعمل على هد اركان وطنه والإضرار بمصالح امته وبني جلدته لاشباع طموحات شخصية مادية او معنوية او لوجستية او غريزية او غيرها. نعم يتم تداول مفردة المؤامرة عند البعض على اساس انها نظرية وليست حقيقة على الرغم من الشواهد والبراهين الدامغة التي تدور رحاها على ارض الواقع في كل من العراق وسورية واليمن وليبيا ومن قبل ذلك ومازال في فلسطين وغيرها من الاماكن والدول كما ان الشواهد الظاهرة والباطنة تثبت ان المؤامرة حقيقة لا مراء فيها وهي جزء لا يتجزأ من الحراك البشري ذي الدوافع الخيرة والشريرة اي بين مدافع عن الحق، وبين معتد اثيم.. ولعل في الاسئلة التالية ما يثبت ذلك ويدلل عليه: حقيقة احتلال فلسطين وتشريد الفلسطينيين واقامة دولة اسرائيل عليها واستمرار ذلك الكيان في قتلهم وتشريدهم وبناء المستعمرات واستهداف المسجد الاقصى الشريف من اجل هدمه واقامة الهيكل المزعوم على انقاضه ناهيك عن ان ما يحدث في المنطقة من زلازل وارهاصات لا يعدو استمرارا لاكمال ذلك المخطط الصهيوني بمساعدة ايرانية هل هذه مؤامرة حقيقية ام مجرد نظرية ليس لها اساس؟ احتلال العراق وحل جيشه وقوى الامن فيه وتدمير اسلحته وبنيته التحتية والقضاء على علمائه ورجالاته وتسليم الامر لمن جاءوا على ظهور الدبابات امثال نوري المالكي وزمرته، ومن ثم تسليمه على طبق من ذهب لايران التي تعمل على استمرار نشر الفوضى فيه وتقسيمه على اساس طائفي وتصفية المكون السني والشيعي العربي هناك واجتثاثهما من مدنهما وقراهما. هل كل هذه مؤامرة حقيقية ام مجرد نظرية ليس لها اساس يسندها؟ تمييع الثورة في سورية من خلال تدخل اطراف خارجية وخلق منظمات عديدة متصارعة لمنع سقوط نظام بشار الاسد بما في ذلك دخول ايران وحزب الله واتفاق الروس والغرب على استهداف المعارضة والتدمير الممنهج للمدن والقرى هناك والتركيز على المكون السني استكمالا لما يتم في العراق مع استمرار التنسيق بين كل من وزيري الخارجية الروسي والاميركي على غرار محادثات (1+5) بشأن الملف النووي الايراني حيث سوف تكون النتيجة مشابهة لان المحادثات والمشاورات التي تتم في غياب الاطراف المتضررة تكون على حساب تلك الاطراف على قاعدة المثل الشعبي (اللي ما يحضر عنزه تجيب له تيس) هل هذه مؤامرة حقيقية ام انها مجرد نظرية ليس لها اساس يسندها؟ ظهور الارهاب ونشره ولصقه بالاسلام واهل الاسلام والتدرج في ذلك من مجرد تلميحات بداية من سلمان رشدي وانتهاء بممارسة الارهاب الممنهج بواسطة الحشد الشعبي وداعش وغيرهما ممن يمارس كل انواع الارهاب والتخريب في العالم العربي والاسلامي ويتبنى كل الممارسات التي تشوه الاسلام واهله ايا كان مصدره حتى لو لم يقوموا به، ولعل المفارقة الكبرى ان ذلك التنظيم الداعشي الاستخباراتي لم يتعرض لايران او اسرائيل ولو لمرة واحدة بينما يتبنى اي عمل ارهابي في كافة الدول العربية، وفي دول الغرب ما يعني انه ينفذ اجندة لها ما بعدها تتمثل في هز الثقة بالنفس في الدول العربية لتمهيد الطريق لخلق موالين لهم من اجل خلق منظمات متصارعة تولد عدم الاستقرار ما يسهل الاستهداف من ناحية، وإعداد الرأي العام الغربي لما سوف يتم اتخاذه من اجراءات في المستقبل تطاول الدول التي يتم استهدافها اعلاميا واستخباراتيا في الوقت الحاضر، وعسكريا عندما تنضج الطبخة. هل هذا كله مؤامرة حقيقية ام مجرد نظرية ليس لها اساس يسندها؟ الحراك الايراني بما في ذلك وصول الملالي الى سدة الحكم وتبني مبدأ تصدير الثورة وسن قانون ولاية الفقيه والسكوت على تسلحهم وغض الطرف عن برنامجهم النووي حتى نضج ثم الوصول الى الاتفاق المنحاز من خلال محادثات (1+5) مع ايران في غياب الاطراف المتضررة من ذلك البرنامج بالاضافة الى تسهيل تدخلها في العراق وسورية وانشاء حزب الله في لبنان والتدخل في اليمن والتدخل في الشؤون الداخلية لدول الخليج وعلى الاخص البحرين والمملكة والكويت ودعمها لداعش في تفجير المساجد والحسينيات من اجل احداث فرز طائفي من اجل شق صف الوحدة الوطنية ناهيك عن دعم ايران للانقلاب غير الشرعي في اليمن والتسبب بما لحق اليمن من دمار وخراب واستهداف للمدنيين من مختلف الاعمار من السكان الآمنين كما هو حادث في مدينة تعز. هل كل هذا يعتبر مؤامرة حقيقية ام مجرد نظرية لاسند لها؟ اعود لاقول ان المؤامرة تمارس على ارض الواقع ليل نهار مع الاخذ بعين الاعتبار ان للمؤامرة ثلاثة اطراف الطرف الاول المستهدَف والثاني المتأمِر الذي لايستطيع تنفيذ مبتغاه بدون وجود طرف ثالث خائن يساعده ويؤازره من الداخل على حساب وطنه وامته وبني جلدته.. ومثل هؤلا يدخلون ضمن تعريف الطابور الخامس الذي يجب محاربته والقضاء علية كجزء لا يتجزأ من الاستعداد للمواجهة، لان تحييد هذا الطرف يقضي على الركن الثالث من اركان المؤامرة، وقانا الله شرها وشر مدبريها، فهي الباب الواسع لإحداث الفتنة لعن الله من أيقظها. والله المستعان [email protected]