وصفت عدة وسائل إعلام محلية ودولية رئيس الاستخبارات التركي هاكان فيدان «بالثعلب» الذي لعب دورًا محوريًا في إجهاض محاولة الانقلاب العسكري. وبينما تُثني بعض وسائل الإعلام على ما قام به فيدان، تورد الوسائل عينها بأن إعلام الاستخبارات التركية لأردوغان بمحاولة الانقلاب تأخر بضع الساعات، مشيرةً بذلك إلى التساؤل الذي يطرحه الجميع: «لماذا تأخر جهاز الاستخبارات التركي بإخبار أردوغان بمحاولة الانقلاب؟». في الحقيقة هناك الكثير من علامات الاستفهام الغامضة التي تنتظر إجابات شافية فيما يتعلق بتفاصيل محاولة الانقلاب التي حدثت في مساء 15 يوليو، والتي مُنيت بفشل ذريع شكل قاعدة جديدة في تركيا، مفادها بأن الإرادة الشعبية أمست أقوى من صوت المدافع. وحول أسباب تأخر الاستخبارات بإعلام أردوغان بمحاولة الانقلاب، أشارت الصحافية ديدام أوزال تومر إلى أن إحباط جهاز الاستخبارات لمحاولة الانقلاب يؤكّد أنه كان دومًا على أهبة الاستعداد لمثل هذه الاحتمالات، مضيفةً أن الاستخبارات هي أول جهاز عسكري علم بمحاولة الانقلاب، وقد ذُكر ذلك في تصريحات هيئة الأركان امس عبر موقعها الإلكتروني، إذ قالت الهيئة إن «الاستخبارات كانت على علم بمحاولة الانقلاب حوالي الساعة الرابعة، وقد تم إعلام رئاسة هيئة الأركان بتلك المحاولة في تلك الأوقات، وعليه اجتمع المجلس الأعلى للهيئة وقام بتقييم ما ورد في تقرير الاستخبارات، وقُرر التعاون بحزم مع المنقلبين.» لماذا تم إخبار أردوغان بالمحاولة بعد أربع ساعات؟ أوضح رئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان، في لقائه مع قناة سي إن إن عقب عملية الانقلاب، أن نباء محاولة الانقلاب وصل إلينا حوالي الساعة الثامنة، مشيرًا إلى أن المعلومات كانت تفيد بأن هناك تحركا وتطورات غير طبيعية تجري في أنقرة وإسطنبول. ووفقًا لما ورد في تقرير الجزيرة «سبب تأخر علم أردوغان بمحاولة الانقلاب»، فإن الاستخبارات علمت بإمكانية حدوث انقلاب، ولكنها لم تُخبر أردوغان، رغبةً في الحصول على معلومات أكثر وضوحًا ومصداقيةً لتقديمها للرئيس على أنها محاولة أكيدة. وإضافة إلى ذلك، يوضح التقرير أن المعلومات التي توصلت إليها الاستخبارات، كانت تُظهر بأن الانقلاب سيبدأ صباح يوم السبت الساعة الثالثة، وهو ما دفعها إلى التأني وعدم الاستعجال في إخبار الرئيس أردوغان بالمحاولة. ووفق التقرير، فإن الاستخبارات عملت لمدة طويل لاستقاء معلومات أكيدة حول عملية الانقلاب، وفي تمام الساعة 6:30 تبيّن للاستخبارات بأن عملية الانقلاب أكيدة مئة بالمئة، وبعد هذه الساعة بدأت تحذيرات رفع حالة التأهب توزع على أقسام جهاز الاستخبارات والشرطة والقوات الخاصة وغيرها من القوات. ومن جهتها، كشفت هيئة الأركان، في تصريحاتها التي صدرت عبر موقعها الإلكتروني في 19 يوليو الجاري أن الإجراءات الوقائية التي تم الاتفاق عليها لإجهاض الانقلاب كانت كالتالي: الاتصال بقائد مركز العلميات الجوية «إلهان كيرتيل»، وإيعازه بعدم السماح لأي طائرة عسكرية، أف 16، هليكوبتر وغيره، بالتحليق، وطلب رجوع جميع الطائرات إلى قواعدها العسكرية على وجه السرعة. إعطاء أمر للعاملين في مجال تجهيز الطائرات قبل الإقلاع، إلى عدم التعاون مع أي أمر يأمرهم بتجهيز الطائرات، وإعاقة عملية إقلاع أي طائرة عسكرية. منع أي مدرعة أو دبابة من الخروج إلى الشوارع والميادين المركزية. إيصال جميع الأوامر المدرجة أعلاه بسرية تامة وعبر الاتصال المباشر غير المعتمد على اللاسلكي أو الأجهزة الخلوية. وفي سياق متصل، يُذكر أن قيادة الانقلاب علمت بأن خطتهم الانقلابية أصبحت مطروحة على طاولة نقاشات الحكومة، لذا عملوا على تقديم موعد الانقلاب من الساعة الثالثة إلى حوالي الساعة العاشرة، ويعتقد بعض المحللين بأن بدء عملية الانقلاب في هذه الساعات، ساهمت بشكل كبير في إحباطه، حيث كان الوقت مبكرًا بالنسبة للمواطنين الذين تواجدوا في الميادين والحدائق لقضاء أوقات ممتعة في مساء يوم الجمعة الذي يليه يوم السبت، أي إجازة نهاية الأسبوع، فضلًا عن تمكن الرئيس أردوغان من مخاطبة الجماهير وهم في حالة يقظة تامة. وفي ظل تضارب الأنباء وعدم اتضاح التفاصيل الخاصة بليلة الانقلاب بشكل كامل، يبقى السؤال الأكثر حاجة لإجابة شافية هو لماذا لم يقم رئيس هيئة الأركان خلوصي أكار بالتواصل مع رئاسة سلاح الجو قبل اعتقاله من قبل الانقلابيين؟