الحملة التي تتعرض لها قناة العربية بعد أحداث تركيا لا مبرر لها سوى أهواء بعض العاطفيين الذين يريدون إعلاماً منحازاً لتوجهاتهم السياسية. لقد تعاملت العربية مع الحدث التركي بمهنية عالية واستضافت العديد من المحللين والصحفيين الأتراك وغيرهم والذين كانوا ينقلون ما يحدث في أسطنبول ويصورون الحدث كما هو دون تحيز لطرف على آخر. كان مذيع الفترة يؤكد دائماً على أن الصورة في تركيا خلال ليلة الانقلاب ضبابية وغير واضحة في ظل التصريحات المتتالية والمتضاربة بين الانقلابيين وأعضاء الحكومة، وأكد على أن القناة تتعامل بحذر مع ما يردها من معلومات، وذلك حرصاً منه على المهنية وعلى عدم تضليل المشاهد بمعلومة ناقصة أو خاطئة. حتى المحللون الأتراك الذين استضافتهم القناة لم يكن موقفهم بعيدا عن موقف القناة، فالجميع كان في لحظة ترقب لما ستؤول إليه الأمور في النهاية. ما يحدث لقناة العربية والعاملين بها من إساءات مستمرة مؤشر خطير على ما يحمله بعض الحركيين من تأثير على العامة التي تتبع ما يقال لها بدون تمحيص، ولنفترض أن العربية كما قالوا كانت فرحة بالانقلاب فما الذي بثته هي حصراً ولم يكن موجوداً في بقية القنوات؟. لكن بالنظر للقنوات التي يمتدحها هؤلاء سنفهم أن شكل الإعلام الذين يريدونه ليس ذلك الإعلام المهني الذي يتعامل مع الحدث بتجرد ويعرضه كما هو بلا دوغمائية، بل يريدون إعلاماً عاطفياً منحازاً يغلف المعلومة بالرغبات والأمنيات ويضلل المشاهد ويعميه عن رؤية الواقع على حقيقته. وهنا تكمن مشكلة هؤلاء مع قناة العربية التي انتصرت للمهنية ولم ترضخ ل "ما يطلبه المشاهدون". قناة العربية كانت وما زالت الصوت القوي والمؤثر لكثير من القضايا السعودية الأمنية والاجتماعية وكانت النافذة التي وصل من خلالها المجتمع السعودي الحقيقي إلى العالم، والحملة الهوجاء التي يتبناها بعض المرجفين ضد هذه القناة لا تخدم سوى من يريد الإساءة لجميع مكتسبات هذا الوطن، ذلك أن العربية بها طاقات وإبداعات سعودية واعدة حاولت وتحاول أن تعمل جاهدة لإيصال رسالتها الإعلامية بتميز. وهي تحتاج إلى تشجيع لا إلى تثبيط حتى تستمر بأداء واجبها الإعلامي بتألق. وأنا هنا لا أعمل دعاية مجانية للعربية فهي ليست بحاجة إلى ذلك ولديها طرقها للدفاع عن نفسها ولكني ضد أي تصغير لمكتسبات الوطن وقدراته ويكفي أننا وجدنا قناة أصبحت تغنينا عن تقاعس الإعلام المحلي وضعفه في إبراز الصورة الحقيقية للمملكة.