مما لا شك فيه أنّ هناك دولاً تدعم "داعش" وتكتنفها، وتوفر لها الحضن الدافئ من الرعاية، والاهتمام، وتمنهج لها الأجندة الإرهابية والخطط المغولية التخريبية، وفكر رجل الغاب التخلفية؛ لتبقى المنطقة في حالة من الفوضى الخلاقة والاضطراب الدائم الذي بدوره يؤثر على مسيرة الحركة الإنمائية والمشروعات التنموية وبناء المجتمعات، فكانت هذه الدول تخطط لأن تكون هي الرابح الأكبر في هذه المعادلة الدنيئة، ولم تكن "داعش" سوى حصان طروادة الخشبي الذي أبهر الأعين في ضخامته الجوفاء وشكله الهندسي الزائف. وتبقى "داعش" ذلك الهيكل الذي لا قيمة له والذي تختبئ في داخله تلك الدول الراعية للإرهاب وخططها لبناء شرق أوسط جديد، متخذة هذا الهيكل مطية للوصول إلى غاياتها ومآربها ثم تلقي به في مزبلة التاريخ ووحل السياسات الرعناء، ففي المكاتب السوداء وخلف الطاولات التي تفوح منها رائحة المكر والخديعة تنكب أقلام الحقد والكراهية وتمزيق وحدة الأوطان في تدوين أسطر اصطبغت بلون الدم وتنشقت بارود العداء للمساعدة في تسهيل مخاض الابن البار والمطية الشيطانية التي ستغرسها في منطقة الشرق الأوسط، ولم يكن ذلك من الصعوبة بمكان، فقد وجدت البيئة الحاضنة التي عاش فيها هذا المسخ الشيطاني في أحضان دولة الملالي، حتى تكتمل البرمجة العقلية النفسية الإرهابية العدائية، وتتشرب فكر "أبو لؤلؤة المجوسي" وثورة العمائم السوداء. فكانت الخطة الإستراتيجية الدموية تقضي بإنشاء ربيع عربي زائف، تثور الشعوب فيها على الحكام، فيغمس هذا الداء السرطاني لنصرة الشعوب المقهورة من ضيم الحكام واسترداد حقوق ومقدرات الشعب المسلوبة، وإعادة الاطمئنان والسعادة إلى شعب فقد ذلك أو أُوهم بفقدانه، وسهلت من أجل بلوغ الغاية الأبعد من الربيع العربي الزائف كافة أنواع الدعم الذي يقيم صلب هذه الفئة ويشد قامتها من الدعم العسكري بعتاده وتجهيزاته والدعم المادي والدعم الاستخباراتي والدعم الإعلامي المميز ومنقطع النظير. فكانت مع كل معركة أريد بها باطل يعيث هذا المسخ إفساداً في الأرض وتدميراً لنهضتها، وامتهاناً لكرامة الإنسان بأبشع أنواع الجرائم التي لم يعرف التاريخ الإنساني لها مثيلاً، توطئةً لحصول "أوديسيوس" -الدول الراعية للإرهاب- على "طروادة" -الدول التي بقيت سداً منيعاً ضد خطط التقسيم والاستعمار-. ومن أجل التصدي لهذه الحملة البربرية الهوجاء ودحر تلك الخطط الخبيثة يتوجب علينا أفراداً وحكومات أن نكون صفاً واحداً وحصناً صلباً على قلب رجل واحد في وجه حصان طروادة، لتنتحر على جداران دولنا الأحلام الاستعمارية وخطط "السايكس بيكو" الجديدة، وتوأد عند أبوابها أوهام الولوج إليها، وتحترق خارج أسوارها أسطورة حصان طروادة فتبوء محاولة "أوديسيوس" بفشل ذريع ومخزٕ.