رؤية أولية: قال... الوقت يمضي.. يتبخر.. انظري كيف لا نستوعب المتغيرات وتلاحق الأيام. هي وسط إلهاء اللحظة تقرر.. بأن الحركة ربما اسرعت عن ذي قبل.. فهل تغيرت جغرافية الحياة بدورها وما يلحق ذلك من أشياء؟ هل اسرعت أفكارنا الخطى؟ هو ينفض عن مفاهيمه بساطة أحكامها ويقرر في ثقة.. بلاشك بأن المشكلة تكمن في التقنية العصرية.. لاغير. ويهطل سؤال جميع من في المجلس في صوت كورالي.. كيف؟ ويجد الرجل بأنه يفكر بصوت عال فيردد تلقائياً. الجوال.. الكمبيوتر.. الفاكس.. الانترنت كل هذه الأشياء جعلت من الاتصال بالآخر في أي مكان بالعالم وليد اللحظة كما ان تلاقي العالم من خلال هذه التقنيات يجعل من كل مشروع اتصال بادرة معلومة.. فتغيب دهشة الترقب والانتظار. المعرفة اصبحت تأتي إلينا.. الإطلالة اليومية على أحوال العالم وتحركاته.. كل شيء اصبح يسري بسرعة لأننا نعاين اجزاء متعددة من الحياة الإنسانية وتطوراتها في لحظات.. كل يوم. المستقبل اصبح حاضراً معنا الآن.. بجدارة فكيف لا تتدخل هذه الهرولة المعرفية المتراكمة في تشكيل وعينا الإنساني.. كيف لا تنمي ثقافتنا الحياتية التي وإن لم تتناول مدى معرفتنا العلمية أو اختيارات الذكاء فإنها على الأقل تثير كثيراً من ضجيج الفضول وتمني الوصول إلى كل جانب معرفي كي لا نتخلف.. ونقول كما ردد د.نبيل علي مختتماً فصله الأول عن العرب وحوار الثقافة والتقانة: ما كل هذا الذي يجري من حولنا؟ أليس لنا أن نصدق قول الشاعر: «آن لنا أن نعترف ان الزمان اختلف». ولكن أين هي يا شاعرنا تلك الخيول التي كان وقع اقدامها يصنع الآمال؟ فلم يعد لهذه الخيول موقع قدم على طريق المعلومات الفائق السرعة، ولينج بنفسه من يستطيع، ولا عاصم اليوم من إعصار المعلومات إلا بأن نلهث لنلحق بالمركبة: فقد صار شعار هذا العصر.. فلتلحق أو انبطح أرضاً ليدهمك الركب المنطلق. ٭ ٭ وبعد.. يجب أن ندرك الآن بأن هناك أدلة مؤكدة بتأثير كل وسائط المعرفة على تنامي وعينا الإنساني بل وثقافتنا أيضاً ونعود لمعاينة محاورة د.نبيل علي الذي يؤكد انه ما أن يلتقي أهل الثقافة حتى يخوضوا في حديث تكنولوجيا المعلومات وما ان يجتمع أهل تكنولوجيا المعلومات حتى ينزلقوا إلى حديث الثقافة فهل نضجت هذه التكنولوجيا وتأهلت للقاء الثقافة؟ أم ان أهل الثقافة ادركوا - اخيراً - مدى خطورة هذه التكنولوجيا الفريدة بعد أن اصبحت صناعة الثقافة أهم صناعات هذا العصر بلا منازع؟ وفي استعراضه قصور أداء الإعلام العربي لأدواره يقول المفكر إن نهضة الإعلام ليست في إقامة القنوات الإعلامية وإطلاق الأقمار الصناعية واستيراد أحدث المطابع الصحفية وإنما الأهم هو القدرة على انتاج رسالة إعلامية مبتكرة ونافذة فلا يخفى على أحد أن صحفنا عالة على وكالات الأنباء العالمية وأن استيراد البرامج التلفزيونية هو الوسيلة الوحيدة لملء ساعات الارسال لدينا وان معظم اذاعاتنا الموجهة تبث ولا تستقبل. وأخيراً يستوقفني حديثه عن إهدار العقل العربي بدءاً من الأمية وانتهاء بنزيف العقول، وما بينهما من فكر الخرافة وشبه العلمية واللاعلمية والانتهازية الفكرية والسرقات العلمية والاستعباد المعرفي وهادر انتاجنا التعليمي والبحثي. فهو يدعو إلى التخلص من الثنائيات الفكرية التي تكبل فكرنا العربي وتعوق تكتله ويطالب بحقها في توجيه سياسات المؤسسات الثقافية ورصد أدائها وعلى رأسها سياسة الإعلام وسياسة التربية. التصدي لأزمة اللغة العربية تنظيراً وتعليماً واستخداماً والمساهمة في بلورة سياسة لغوية قومية باعتبار اللغة هي أفضل وسائل التكتل العربي والمدخل الطبيعي إلى إحداث النهضة الثقافية المطلوبة علاوة على كونها من أهم مقومات تكنولوجيا المعلومات وصناعة الثقافة. نزع فتيل الخصومة التي يفتعلها البعض بين ديننا والعلم وعدم اساءة فهم مفهوم عالمية الإسلام على انها تعني الاستغناء عن فكر الآخرين، فالمقصود بالعالمية في رأي أهلها هو استيعاب فكر الآخر لا تجاهله أو تجهيله. وترسيخ التوجه التنموي الاجتماعي لتوطين تكنولوجيا المعلومات في تربتنا العربية. فهل كنتم معي في هذه القراءة؟ ------------- المصدر: جريدة «الرياض» - الثقافة العربية وعصر المعلومات. د. نبيل علي.