في هذا الزمن المتقلب المتعدد الوجوه المتناقض الملامح لا شيء به يبدو مستغرباً، أو غير مألوف ولا شيء به من الممكن أن يصنف داخل دائرة الصدق، أو الكذب أو حتى الانتماء لشيء. زمن خاص تغيب انتماءات أفراده. وتزداد المنافسة به بعيداً عن احترام حرية الآخر. وتصفى صراعاته بطرق لا تعتمد على ملامح أي منافسة حقيقية يستحق فيها الفائز التحية، والمهزوم التحية أيضاً على المحاولة. أحدهم يقول بئس هذا الزمن الذي نمّى طبقة العاطلين. وزاد من عدد البؤساء والمهمشين رغم إرادتهم وعزّز الحياة على أساس المصلحة فقط وزاد من عدد الصور الباهتة ومد درجات الحياة التي توقف نموها زمن كثر متعلموه وازداد بعضهم جهلاً بالآخر، بالآخرين، أدمنوا الحكم المطلق على من حولهم لاعتبارات لن تتوقف اختيارية، وليست إجبارية لا يحملون من الفضائل سوى اسمها ومن صلاحية البقاء، سوى تواجدهم فقط مع الانشغال بأمور أخرى. زمن يسميه البعض زمن الغفلة وآخرون زمن المهمات الصعبة والبعض الركض في كل الاتجاهات دون تحقيق شيء والبعض يطلقون عليه زمن التحالفات الأثرياء مع بعضهم والفقراء أيضاً لا يختلفون تختلف الصيغ ويبقى المسمى ثابتاً زمن تبدو الحرية وجهه الأساسي لمن آمن بالحق الطبيعي في أن يعيش هو كما يعيش غيره الحق في العمل، والتعبير والرأي الحر، والتوقف لتفسير ما تراه دون أن توصد كل الأبواب على عقلك ولسانك وما يلي ذلك زمن ممتد ظل فيه الحالمون كما اعتادوا يتمازجون مع نظرتهم الرومانسية للحياة ويتماهون بتشخيصهم الخاص لكل ما حولهم ويعتبرون أي نظرة أخرى خلاف نظرتهم للحياة نظرة معطلة للتقدم، ولا تستوعب التحليل الحقيقي للاستمتاع بمفردات الزمن هم يرون أنهم أقرب إلى روح الإنسانية والآخرون يعتقدون أنهم الأقرب إلى عقلها ضمانات النجاح لكل طرف تخضع لمفهوم النجاح أيضاً وفرص التقدم تقاس بالرغبة فيه من خلال الخطوة الأولى واحتسابها، أو الانغلاق عليها زمن متقلب سنظل داخله، وسنتعمق في إقامة الحياة معه دون انعزالية، حتى وإن لم يتبق من مفرداته سوى الرماد.