أكد عميد كلية الشريعة سابقاً الدكتور سعود النفيسان أن «وجهة نظر الشرع للمتقدم بالشكاوى الكيدية أنه كاذب ومتقوّل على غيره بغير حق، ومن ثم قد يدخل أيضاً في مفهوم شهادة الزور، لأنه يخبر عن شيء على خلاف الحقيقة. لذلك يجب تعزيره بالسجن أو الجلد والمنع من السفر أو الخصم من الراتب». ويوضح المحامي أحمد الراشد أن «المادة الأولى من قواعد الحد من آثار الشكاوى الكيدية والدعاوى الباطلة تنصّ على أن رفع الشكاوى حق لكل شخص، أما المادة الثانية فتؤكد أنه عند تقديم الشاكي شكوى في قضية منتهية بحكم أو قرار يعلمه وأخفاه في شكواه، تجوز إحالته للمحكمة المختصة لتقرير تعزيره. وبموجب المادة الثالثة فإنه تجوز لمن اعترض على حكم أو قرار نهائي مكتسب القطعية بقناعة أو تدقيق من جهات الاختصاص وثبت بعدم الاعتراض على الحكم أو القرار، إحالة مثل هذا إلى المحكمة المختصة للنظر في تعزيره إذا تكرر ذلك منه. كما نصّت المادة الرابعة على أنه من تقدم بدعوى خاصة وثبت للمحكمة كذب المدعي في دعواه فللقاضي أن ينظر في تعزيره، وللمدعى عليه المطالبة بالتعويض عما لحقه من ضرر بسبب هذه الدعوى». ويعيد القانونيون زيادة هذه القضايا إلى سهولة إجراءات التقاضي في المملكة، إذ لا يلزم المدعي توكيل محامٍ أو دفع أي رسوم، بل يرسل من يبلغ خصمه بالنيابة عنه، ثم يبدأ الخصم في المعاناة بسبب الدعوى التي ربما لا تقوم على أي أساس صحيح ثم تنتهي بعدم ثبوتها ويخرج المدعي من المحكمة بقلب بارد بعد أن أذاق خصمة الأمرّين، وبعد أن أشغل الإدارات الحكومية مدة من الزمن، كما تظهر الدعاوى الكيدية بصورة غير مباشرة في القضايا الزوجية، إذ تتقدم الزوجة بدعوى ضد زوجها بطلب فسخ نكاح، ثم ترفق بها دعوى أخرى بحضانة الأولاد، وتقيم دعوى ثالثة بالنفقة، ورابعة للمطالبة بمستحقات سابقة. وأشار المحامي فهد السيف إلى أن نظام المرافعات تضمّن في مادته الرابعة نصاً في هذا الموضوع هو ضرورة التثبت من مصلحة المدعي في الدعوى على أنه «لا يقبل أي طلب أو دفع لا تكون لصاحبه فيه مصلحة قائمة مشروعة، ومع ذلك تكفي المصلحة المحتملة إذا كان الغرض من الطلب الاحتياط لدفع ضرر محدق، أو الاستيثاق لحق يخشى زوال دليله عند النزاع فيه. وإذا ظهر للقاضي أن الدعوى صورية كان عليه رفضها، وله الحكم على المدعي»، كما تعرضت اللائحة التنفيذية لتفسير هذه المادة فنصّت على أنه يقصد بالمصلحة «كل ما فيه جلب نفع أو دفع ضرر». إلا أن ما أفسد العمل بهذه المادة، بحسب السيف، هو الفقرة الأخيرة ذات الرقم 4/8 من اللائحة التنفيذية والتي نصّت على أنه «يقرر التعزير في القضايا الكيدية والصورية حاكم القضية، أو خلفه بعد الحكم برد الدعوى واكتسابه القطعية». وأوضح أن هذه الفقرة منعت القاضي من العمل بمقتضى هذه المادة مباشرة، وألزمته ألا يعاقب المدعي إلا بعد الحكم برد القاضي بمثابة الخصم له، إذ إن خصمه غالباً لا يتابع هذه الدعوى اللاحقة ويكتفي بالحكم برد دعوى المدعي، والواجب إعادة النظر في إلغاء هذه الفقرة من اللائحة التنفيذية ليكون للقاضي الحكم بالنكال مباشرة بعد رد الدعوى، ولا مانع من إرجاء التنفيذ إلى ما بعد اكتساب الحكم القطعية.