بصفتي أحد الآثاريين وتخصصي الدقيق ترميم الآثار سرني ما شاهدت في محافظة الخرج من اهتمام، وإن كان الأمر متأخراً، بقناة عين فرزان هذا المعلم الحضاري الذي يقل المثيل له في الجزيرة العربية قاطبة من حيث الامتداد وحجم مهابط القناة. ولقد زرت هذا الموقع قبل بضع سنوات وساءني ما رأيت في ذلك الوقت من تراكم المخلفات، باختلاف انواعها، داخل القناة وفي المهابط، بل شملت الأرض المحيطة بها قاطبة وخاصة تلك التي تقع الى الشرق منها. ولقد طالب عدد من الاخوة المهتمين عبر الصحافة بالاهتمام بهذه القناة ومنهم زميلي الدكتور عبدالعزيز بن سعود الغزي وزميلي الدكتور عبدالعزيز بن عبدالله لعبون والاستاذ عبدالرحمن بن عمر الحسين من خلال طرحهم عدداً من المقالات بصفحة آثار في جريدة الرياض وكنت من المتابعين لتلك المقالات التي حفزتني لزيارة الموقع ومشاهدته على الطبيعة. وقد سرني عندما سمعت من زميلي الدكتور عبدالعزيز بن سعود الغزي أنه رفع القناة ومهابطها مساحياً، ووصف كل مهبط على حدة ورسم نماذج من تلك المهابط ضمن مشروع سمي «توثيق المنشآت الحجرية في محيط عين فرزان «ترعاه دارة الملك عبدالعزيز، الغنية عن التعريف، وحفزني عمل زميلي على أن أقوم بزيارة للموقع خلال وجود فريق العمل في جبل فرزان. وقمت بزيارة لتلك القناة «عين فرزان» وشاهدت شيئاً مختلفاً عما سبق فسيارات البلدية (الدركتلات والقلابات... الخ) كانت تعمل على رفع المخلفات وازالتها كما وضعت البلدية مشكورة لوحات تحذيرية تحذر فيها من رمي المخلفات في الموقع وحوله. نأمل من البلدية أن تواصل عملها الحضاري بازالة المخلفات التي بداخلها مهابط القناة اثناء عملها هذا. كما نتمنى أن تقوم البلدية بترميم هذه المهابط للمحافظة على ما تبقى منها للأسباب التالية: 1 - أنها تعد من أضخم قنوات الري التي عرفت في الشرق الأدني القديم سواء من حيث الحجم أو المسافة والمساحة التي تسقيها. 2 - لانها تمثل العديد من الفترات الحضارية، التي أكد لي زميلي الدكتور عبدالعزيز بن سعود الغزي أنها تعود إلى فترة ما قبل الاسلام، استدلالا بأنواع الأواني الفخارية التي وجدت حولها والتي سوف تخرج في دراسة مستقلة ضن المشروع المشار إليه أعلاه، وتستمر حتى عهد الامام عبدالرحمن الفيصل، رحمه الله، الذي ثبت أنه امر بترميمها وإعادة تأهيلها بعد دمار لحق بها. 3 - لأنها بحق تعد معلماً من معالم محافظة الخرج الحضارية بشكل خاص والمملكة العربية السعودية بشكل عام، ويجب أن تكون من ضمن المناطق السياحية لعدة اسباب لعل منها قربها من عاصمتنا الحبيبة الرياض. 4 - لأن ما تبقى منها يمكن أن يرمم ويعاد الى طبيعته الأصلية قبل أن يندثر ويمحى اثره. كما يحب أن لا يفوتني ان أشكر زميلي الدكتور عبدالعزيز بن سعود الغزي على تزويدي ببعض المعلومات، والشكر موصول لدارة الملك عبدالعزيز على اهتمامها وتبنيها مشروع «توثيق المنشآت الحجرية في محيط عين فرزان» وصرفها عليه، واتمنى ان نرى نتائج اعمالها منشورة في القريب العاجل لان ما سوف يظهر من نتائج يعد فريدا من نوعه نظراً لكون الموقع لم يدرس من قبل. وفي النهاية لنا رجاء أن تعجل الهيئة العليا للسياحة في الاهتمام المباشر بالموقع، لأنه بالفعل من المواقع الأثرية التي تستحق ان يحافظ عليها وأن يدخل ضمن المواقع السياحية. ولقد اخبرني الزميل الدكتور الغزي أن فريقاً من الهيئة العليا للسياحة برئاسة الدكتور علي غبان مستشار صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان الأمين العام للهيئة العليا للسياحة قام بتوجيه من سمو الأمير بزيارة الموقع ورفع تقريرا به. *استاذ الآثار والترميم في قسم الآثار والمتاحف