من قراءتي لمقالة تشارلي ريس في صحيفة الوطن في عددها 1930 في 11/ ذي الحجة الحالي، وعنوانها (ايجابيات وسلبيات) ومتابعتي لاستعراضه لإيجابيات وسلبيات احتلال الجيش الأمريكي للعراق وقوله: (السلبيات نعرفها جميعاً. الحرب تم تسويقها بناء على ادعاءات كاذبة ولم تكن هناك أسلحة دمار شامل ولا علاقات مع القاعدة، فحكومة صدام حسين حكومة علمانية وغالبية العراقيين من الشيعة - وهذا خطأ منه - والقاعدة حركة دينية أصولية متطرفة من السنَّة ولا يمكن للقاعدة أبداً أن تسيطر على العراق).. ثم يوضح وهو الكاتب الأمريكي!! أن السلبيات الأخرى تشمل خسارة الهيبة الأمريكية، وحوالي 2,200 قتيل وحوالي 16,000 جريح و221 مليار دولار التكاليف التي مازالت ترتفع.. الخ) أعتقد أن هذه الأرقام غير دقيقة سواء فيما يخص عدد القتلى أو التكاليف، فالحرب هناك شرسة وعنيفة والقتلى من العراقيين فقط مائة ألف ما بين أفراد المقاومة والسكان والأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ. فقد نقلت صحيفة الغارديان البريطانية عن تقرير أعده جوزيف ستيجليتر أستاذ الاقتصاد بجامعة كولومبيا الأمريكية والفائز بجائزة نوبل للاقتصاد عام 2001م، أن تكاليف الحرب الأمريكية على العراق والتي يتعين على الولاياتالمتحدةالأمريكية أن تدفعها حتى الآن تتراوح ما بين 1 - 2 تريليون دولار، أي 2 مليون مليون دولار، وهو رقم كبير.. كما يقول جوزيف ستيجليتر وهو أستاذ اقتصاد.. هذه تكاليف القوات الأمريكية وتضاف لها تكاليف القوات البريطانية والبولندية والتشيكية.. إلخ أما الخسائر البشرية المرتفعة تتصاعد باستمرار ولا تقل حسب التقديرات الأمريكية من رقم الثلاثة آلاف، والتقديرات الأخرى عشرة آلاف. فكل يوم هناك قتلى بين الأمريكيين والعراقيين منذ الاحتلال.. في شهر صفر 1423ه الموافق ابريل عام 2003م.. وكانت مقالة تشارلي تبحث عن (فوائد وإيجابيات الفرد الأمريكي من هذه الحرب على العراق) وبالتالي الجانب العراقي (مغيب) في هذه المقالة.. فكما يقول تشارلي إن الأمريكيين يستطيعون زيارة العراق بعد النصر - إذا ما حدث - كسياح ولكن قد تمضي سنوات طويلة قبل أن يتخلص العراقيون من عدائهم لأمريكا التي جعلت حياتهم منذ عام 1991م بائسة وتعيسة بشنها حربين عليهم وقيامها بالقصف من حين لآخر بالإضافة إلى الحصار الاقتصادي القاسي.. وهو يرى أن الأمريكيين لن يكونوا في أمان، فمقولة إن الإرهابيين إذا لم يكونوا يحاربوننا في العراق فسوف يحاربوننا في نيويورك لا تستحق الحديث - كما يقول - وذكر نقطة مهمة توضح (أن 90٪ من الذين يقاتلوننا في العراق ليسوا إرهابيين، لكنهم من المقاومة التي ترفض احتلال العراق من قبل دولة أجنبية، أما ال10٪ الباقون فإنهم يستخدمون العراق كأرض تدريب، بعد أن نخرج من العراق، قد يهاجمنا بعض هؤلاء في أماكن أخرى).. ومن النقاط المهمة أيضاً التي جاءت في مقالته قوله: (أما بالنسبة لاعتقاد المحافظين الجدد بأن العراق الديموقراطي سوف يؤثر على باقي دول الشرق الأوسط وقد تستطيع إسرائيل أن تعيش بسلام فإنه اعتقاد مضحك من اليوم الأول، الأصدقاء الوحيدون الذين تملكهم إسرائيل ونملكهم نحن في الشرق الأوسط هم بعض الذين نرشوهم ليصبحوا أصدقائنا).. بالطبع ما جاء في مقالته عن سلبيات الحرب على أمريكا لم تذكر معتقلات غوانتانامو وما تمثله من شرخ كبير في جبهة الإدارة الأمريكية ولا ما حدث في سجن أبوغريب ولا ما رافق عمليات الاحتلال من تعرض 90 موقعاً عراقياً عالي الحساسية للنهب والحرق بعد استيلاء القوات الأمريكية على العراق كما ذكرت ذلك الوكالة الدولية للطاقة الذرية ولجنة المراقبة والتحقيق والتفتيش التابعتان لمنظمة الأممالمتحدة واعترفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية بذلك حينها ووضحت أن هناك عملية عالية التنظيم استهدفت منشآت ومصانع بعينها لنهب وتفكيك وحرق أطنان من الأسلحة والمعدات عالية الحساسية وخاصة تلك التي تصلح لصناعة الصواريخ. .. ما لم يذكره تشارلي فيما يتعلق بالفرد الأمريكي داخل موطنه من عمليات تنصت إلكترونية بدون تفويض من القضاء!! وفقده لحرياته التي حارب من أجلها كثيراً.. وكانت موضع جذب - سابقاً - لأمريكا بل تجسدت في تمثالها الذي يستقبل القادمين إلى نيويورك.. .. منذ بدء احتلال أفغانستان والعراق بعدها والفرد الأمريكي تتغير الأرض تحت قدميه، جسد بعض هذه التغييرات تشارلي في مقاله هذا وتحدث عنها آخرون من العقلاء هناك.. ٭٭ وكما يقول تشارلي في آخر فقرات مقالته إنه يذكر جانباً إيجابياً واحداً لهذه الحرب إذ تعلم الأمريكيون منها درساً، علنياً أن لا نسمح مطلقاً لمجموعة من الأكاديميين الأيديولوجيين الذين لا يعرفون شيئاً عن العالم الحقيقي ليسيطروا على أمريكا مرة أخرى وخاصة السياسة الخارجية. ٭٭ ما يهم هو السؤال الجوهري: كيف ستستعيد أمريكا مكانتها التي كانت عليها قبل هذه الحروب؟! وأمريكا هنا ليست الإدارة الأمريكية فحسب، بل هم هذا الشعب الذي سيظل يتساءل هل تحقق لي الأمان الذي قالوا عنه؟!