مجموعة من أندر المخطوطات العربية النفيسة؛ التي تملكها جامعة أوبسالا السويدية؛ صدرت أخيراً في ثوب إلكتروني جديد باللغتين العربية والإنجليزية، حيث نشرها مركز المخطوطات بمكتبة الإسكندرية الذي يديره الباحث الدكتور يوسف زيدان، وقد تولى د.زيدان تحقيق المادة العلمية واختيار النصوص التي صدرت كلها على هيئة أسطوانات مدمجة مزودة ببرنامج تصفّح متطور. المخطوطات التراثية التي صدرت أخيراً هي: «الحيل الروحانية» للفيلسوف الشهير أبو نصر الفارابي، و«الحكمة العروضية» للشيخ الرئيس ابن سينا، و«سر الخليقة» لبلينوس الحكيم، و«كمامة الزهر» لابن عبدون، و«ميزان الطبيب» لأشهر الصيادلة العرب ابن البيطار، و«كتاب الجوهرتين العتيقتين» للشاعر الفيلسوف الحسن بن أحمد بن يوسف. وفي تقديمه للمخطوطات في ثوبها الإلكتروني الجديد يشير الدكتور إسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الإسكندرية إلى أن هذه الإصدارات تعد خطوة جديدة ومتميزة على طريق المشروع الطموح الذي يتبناه مركز المخطوطات بمكتبة الإسكندرية، ويهدف إلى نشر ذخائر التراث العربي المخطوط نشراً رقمياً (طبق الأصل)، وإتاحة أندر المخطوطات العربية على نطاق واسع للباحثين. ويوضح الدكتور يوسف زيدان أنه قد انتقى مثل هذه المخطوطات لتعطي فكرة أكثر شمولاً عن ثراء التراث العلمي والفلسفي العربي، بعيداً عن النظرة الأحادية إلى التراث، ويشير إلى أن هذه أول مجموعة رقمية تصدرها مكتبة الإسكندرية لمكتبة أوروبية تتبع جامعة أوبسالا السويدية التي تأسست في عام 1477 ميلادية، وكانت أول جامعة في الدول الاسكندنافية، ويرجع تأسيس مكتبتها إلى سنة 1620، ويوجد بها خمسة ملايين كتاب. ومخطوطة «الحكمة العروضية»؛ كما يقول الدكتور يوسف زيدان ؛ عبارة عن مقدمة في المنطق الأرسطي، على شاكلة المقدمة المعروفة التي كتبها فرفوريوس الصوري وجعلها بعنوان: إيساغوجي. وبالطبع، فقد أضفى ابن سينا على الرسالة طابعاً إسلامياً ظاهرياً، وهو ما يبدو في الحمدلة التي تبدأ بها المخطوطة، حيث نراه يحمد الله (واهب العقل وملهم الصواب)، لكنه سرعان ما يغوص في تفاصيل (المنطق الأرسطي) متبعاً التقسيمات المعتادة للمنطق الأرسطي: القضايا، البرهان، طوبيقا (الجدل)، سوفسطيقا (المغالطات)، ريطوريقا (الخطابة)..، منتهياً من ذلك كله بقوله: ليكن هذا كفاية في غرضنا في اختصار المنطق. أما «الحيل الروحانية»؛ فمؤلفها هو الفيلسوف الشهير أبو نصر الفارابي الملقب بالمعلم الثاني (أرسطو هو المعلم الأول). وقد بدأ الفارابي مخطوطته بقوله: الحمد لواجب العقل بلا نهاية، وهي بداية تشي بنزوعه الفلسفي، وتدل في الوقت ذاته على الاتجاه العام للنص، باعتباره نصاً رياضياً تطبيقياً يعتمد على إعمال العقل والتجربة. أما مخطوطة «ميزان الطبيب» لابن البيطار فيعود تاريخ نسخها إلى القرن العاشر الهجري، ويكشف عنوانها عن مضمونها بوضوح، وهي تشتمل على ثمانين باباً، كلها في معرفة العلاج اللازم للأمراض، ومن ثم فهي كتاب جامع في الطب والصيدلة.