ما حدث في رمي الجمرات من تدافع ووفيات - تقبّلهم الله في واسع رحمته وأسكنهم جناته - أن البعض بدأ في إيجاد تبريرات في منطقية و(معقولية) الوفيات نسبة إلى عدد الحجيج الذين قارب عددهم الثلاثة ملايين حاج.. الأمر لا يقاس بالنسب ولا أحد يعطي مبرراً للموت والقتل تحت أي سبب مع إيماننا ان الموت حق وانه قضاء الله وإرادته بل إن ديننا الإسلامي يدعونا إلى المحافظة على الأرواح مهما كان الرقم صغيراً .. ووفاة (362) ليس رقماً سهلاً فهل فرض علينا أن نضحي بفئة من الحجاج كلما زاد العدد؟.. يجب أن لا نتساهل أو نوجد تبريراً لوفاة أي حاج بحجة عدد الحجاج لأننا نملك وسائل عدة منها ما هو حل فقهي وهندسي وتخطيطي لمنع التزاحم أمام الجمرات والتي أصبحت شبحاً يخيف الكثير من الحجاج.. فمنطقة منى هي من أكثر مناطق المشاعر التي أجري عليها كثير من التعديلات العمرانية ومشاريع التوسعة والطرق والجسور والأنفاق وضخت الدولة بها مليارات الريالات من حيث البنية التحتية أو الإنشاءات المعمارية من جسور وإزالة هضاب وتعديل في بعض مجاري المياه وقضم جبال ورغم ذلك بقيت منطقة (منى) هي الأكثر خطراً على الحجاج وهي المكان المرشح للكوارث لا سمح الله أكثر من غيرها.. إذن بماذا خرجنا من مشاريع منى إذا كانت الحوادث هي نفسها فلو عملت إحصائية للحوادث خلال العشر سنوات سيكون أمامنا خريطة متنامية الأرقام والأشكال فمثلاً العام الماضي وصلت الوفيات في منى عند جسر الجمرات إلى حوالي (260) حاجاً وهذه السنة قفز الرقم إلى (362) حاجاً في نفس الموقع والحيز المكاني.. ولذلك فإن حلولاً جديدة يجب أن تتخذ تتعلق بحركة الحجاج وفتح الباب أمام أهمية إعادة النظر في الفتوى وفتح ساعاتها وأيامها.. إضافة إلى أهمية أن تُعمل دراسة تقويمية من جهات هندسية، ومراجعة لجميع أعمال مشروعات منى.. وهل هي مجدية حتى لا نعمل باتجاه بعيد عن الحل الجذري لمشكلة تزاحم الحجاج في الجمرات وهنا لابد أن يتواءم ثلاثة من الحلول: الهندسي والفقهي، والتخطيطي. واقصد بالتخطيطي التخطيط للحركة داخل المشاعر.. فالأمر ليس عملاً داخلياً فقط بل يمس سمعة الدولة كمنظمة للحج ومسؤولة عن سلامة حجاج بيت الله على الأقل في العملية التنظيمية ومسؤوليتها في تهيئة المكان والاستعدادات لاستقبال الحجيج. فالشعوب الإسلامية تثق بنا ثقة كبيرة ..تثق في قدرة المملكة على إيجاد الحلول لأننا نملك الإمكانات المالية التي تمكننا من إقامة مشاريع ضخمة والعالم يرى إنجازاتنا في توسعات الحرم المكي في مكةالمكرمة والمسجد النبوي بالمدينة المنورة، ويرى ايضاً مدننا العملاقة التي بنيت على الطرز المعمارية الحديثة. كما أن شعوب العالم الإسلامي تثق في مدى إخلاص قيادتنا وشعبنا لخدمة الدين الإسلامي وسرعة تنفيذنا للمشاريع التي تصب في خدمة الدين والأمة الإسلامية .. لذا نحن أمام مسؤولية وتحد كبير هو إقامة مواسم حج بلا حوادث.