يتطلع الكاتب والمترجم محسن يوسف إلى مستقبل أفضل للعالم العربي؛ وذلك في الكتاب الذي أعده أخيراً وأصدرته مكتبة الإسكندرية تحت عنوان «نحو مستقبل أفضل: استراتيجية لبناء قدرات العلم والتكنولوجيا على الصعيد العالمي». يجيء الكتاب بمثابة ترجمة لتقرير المجلس المشترك بين الأكاديميات، ويهدف إلى تطوير الآليات الإصلاحية في العالم العربي على أصعدة مختلفة. ومن جهته، يشير الدكتور إسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الإسكندرية في مقدمة الكتاب إلى أن ما جاء به التقرير يتشابه مع طريق الإصلاح الذي ركزت عليه وثيقة الإسكندرية عن الإصلاح في العالم العربي؛ حيث إن تحقيق كل التوصيات التي جاءت فيه يعتمد على الاستقرار السياسي ومدى الالتزام بين القادة المحليين، وتوفر النظم الإدارية المناسبة، والحرية الفكرية التي تساعد على تأمين الحصول على المعرفة، وضرورة العمل على تشجيع الاستراتيجيات التي تهدف إلى النقد الموضوعي. تتناول مباحث الكتاب العديد من قضايا العلم والتكنولوجيا في الوطن العربي بصفة خاصة، والعالم كله بصفة عامة. ومن بين ما يطرحه الكتاب أن العلم لا يمثل مجرد ثقافة ذات أبعاد عالمية، بل يؤدي إلى إحداث تيار ثقافي يؤثر بقوة وإيجابية على المجتمعات التي يزدهر فيها، بما في ذلك المجتمعات التي دمرها الفقر والجوع في بادئ الأمر، ثم مزقتها النزاعات الأهلية، ومن ثم انغمست في أزمات مالية. فالعلم يجلب الخيال والرؤية سواء على صعيد التطورات النظرية أو على صعيد المشكلات العلمية أو القرارات المهمة، مما يتيح إمكانية تحليل المواقف الآنية والمستقبلية والوصول إلى اختيارات أفضل واستثمار الموارد بصورة أكثر حكمة. كما تتسم ثقافة العلم فضلاً عن قيم التفتح والأمانة المترتبة عليها بأهمية كبرى تفوق الفوائد المادية التي تساعد على إنتاجها من أجل رفاهية الإنسان. ويشير الكتاب إلى ضرورة أن تضطلع الهيئات الإعلامية بالجزء الأكبر من مسؤولية تعريف الجماهير بالقضايا المتعلقة بالعلم والتكنولوجيا، واستخدام الإعلام الإلكتروني الجديد لتوفير المعلومات المتعلقة بقضايا العلم والتكنولوجيا للجمهور. ويوضح الكتاب أيضاً أن المشورة العلمية المستقلة تقود إلى تحسين عملية صنع القرار في مجال السياسة العامة، بحيث يمكن تحقيق زيادة كبيرة في فعالية البرامج الحكومية إذا خضعت لمراجعة مستقلة من جانب خبراء في العلم والهندسة، وينبغي أن تقوم كل حكومة وطنية بإنشاء آليات محلية جديرة بالثقة بهدف الحصول على المشورة في المسائل العلمية والتكنولوجية المرتبطة بالسياسات والبرامج والمفاوضات الدولية.