انه من المتفق عليه طبياً ان بعض حالات العقم الذي يصيب حوالي 15٪ من المتزوجين عالمياً قد تكون مجهولة السبب رغم الاستقصاء الشامل حول أسبابها عند الزوجين الذي لا يظهر أية آفات أو أمراض لديهما. وقد حار الأخصائيون حول تلك الحالات التي تميزت في فشل الاخصاب والحمل حتى باستعمال التلقيح في الرحم أو في البويضات مما قد يسبب المشاكل العاطفية والنفسية والعائلية والاجتماعية والمالية للزوجين بعد العناء المرير والطويل والأمل الضائع في انجاح عملية الاخصاب والتواصل إلى حمل طبيعي مع انجاب الوليد الذي يشرق حياتهما ويملؤها بالبهجة والسرور. فلسنوات طويلة وقف الطب عاجزاً عن تفسير ذلك الفشل أو كشف وسائل مبتكرة للتغلب عليه حتى ظهرت في السنوات القليلة الماضية عوامل جينية قد تلعب دوراً هاماً في حدوث العقم الذكري الذي قد يكون سبب فشل الاخصاب والانجاب في حوالي 50٪ من حالات العقم عامة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. ورغم أهمية فحص السائل المنوي مع قياس حجمه وعدد الحيوانات المنوية ونسبة سرعتها وشكلها الطبيعي إلاّ أنه من المتفق عليه ان هذا التحليل رغم حوافزه قد لا يستطيع في بعض الحالات التنبؤ عن احتمال حصول الحمل لأنه يفتقر إلى القدرة لتحليل الجين داخل نوى الحيوانات المنوية وتحديد الآفات الجينية التي تتحكم بعملية الانطاف والاخصاب خصوصاً بالنسبة إلى تشوهات الحمض النووي أو الدنا (DNA) التي قد تنذر بالرغم من النتائج الطبيعية للتحليل المنوي وحتى في وجود قلة عدد أو سرعة الحيوانات المنوية بفشل الاخصاب الطبيعي أو حتى باستعمال عدة وسائل تلقيحية للبيوض. وقد نجحت حديثاً عدة محاولات اختبارية لتحديد سلامة أو تشوه الحمض النووي في نوى أو المتقدرات داخل النطاف ومعناها وشدة تأثيرها على الاخصاب والمساعدة على كشف وسائل مبتكرة لتعديل أو تصحيح تلك الآفات لانجاح عملية الانطاف والحمل ومنع نقل تلك التشوهات إلى الجنين. وقد شددت الأبحاث الحديثة على أهمية تشديف الدنا أو الحمض النووي كعامل أساسي في بعض حالات العقم المجهولة السبب الذي قد يؤثر على وظيفة الحيوانات المنوية رغم عددها وسرعتها وشكلها الطبيعية، وقد حاول العديد من الخبراء إجراء اختبارات مكثفة لتحديد أسبابه التي كشفت عنها عدة عوامل لحصوله أبرزها فرط وكرب التأكسج ورزم الكروماتين واجهاض الموت المبرمج داخل النطاف. ففي حال حدوث فرط المتأكسج فقد يعود ذلك عادة إلى اختلال التوازن بين التأكسج الطبيعي والقدرة على منع افراطه لاسيما ان معظم السوائل المنوية تحتوي على أصناف من الاوكسجين التفاعلي المؤذي للحيوانات المنوية والتي تثبطها عادة مواد موجودة في السائل المنوي والذي قد يؤثر على الرزم الطبيعي للكروماتين داخل النوى الذي قد يتعطل نتيجة فرط التأكسج مع حصول انشقاق في طاق الحمض النووي الوحيد أو المزدوج الذي يمكن كشفه باستعمال بعض التحاليل المخبرية المتقدمة. وأما بالنسبة إلى الموت المبرمج لبعض النطاف فإنه يعتبر آلية فيزويولوجية طبيعية للحد من تكاثر عددها خصوصاً في المراحل الأولية من الانطاف أي عندما لا يتعدى بعد بذرة النطفة حيث ان هذا الموت المبرمج لبعض تلك البزر يحول دون تراكم النطاف المشوهة وغير المقبولة والمتسمة في عملية الانتفاء الطبيعي.