اختتم المؤتمر الدولي الذي استضافته اليابان حول انفلونزا الطيور اعماله بوضع سلسلة من المقترحات التي تستهدف دفع عجلة التعاون العالمي «لا سيما داخل المنطقة الآسيوية» لاحتواء تفشٍ محتمل للمرض بين البشر اثر انتشاره حاليا في عدد من الدول. وعقد هذا المؤتمر «الذي بدأ اعماله الخميس في العاصمة طوكيو» وسط تزايد المخاوف تجاه امكانية تحول سلالة «تش 5 ان 1» المميتة من مرض انفلوانزا الطيور «المنتشر حاليا في الارجاء الآسيوية وبدأ ظهوره مؤخرا في تركيا» الى شكل يمكن ان تنتقل عدواه بسهولة بين البشر وهو الامر الذي يحتمل ان يحصد ملايين الارواح. وذكرت وكالة الأنباء اليابانية «كيودو» ان 130 ممثلا وخبيرا من 22 دولة من بينها الصين التي تفشى فيها المرض واندونيسيا وتايلاند وفيتنام شاركوا في المؤتمر الذي استضافته اليابان بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية كما ضم كذلك وفودا من عدة منظمات دولية من بينها بنك التنمية الآسيوي والبنك الدولي. وبحثت الوفود المشاركة في المؤتمر آليات التصدي لمرض انفلونزا الطيور على الصعيدين الاقليمي والدولي مثل تطوير نظام تحذير مبكر للكشف عن المرض ودعم الجهود المبكرة لمكافحته مع التركيز على آسيا التي تفشى فيها المرض على نطاق واسع. وأشار منظمو المؤتمر الدولي حول انفلونزا الطيور الى ان أي من الدول المشاركة في المؤتمر لم تتعهد خلاله بتقديم اي مساعدات مالية جديدة حيث سيعقد مؤتمر للدول المانحة الاسبوع المقبل في بكين وتركزت مباحثات الوفود المشاركة على المسائل التقنية الخاصة بكيفية احتواء تفشٍ محتمل للمرض من بينها الاحتفاظ بمخزون احتياطي من الادوية المضادة للفيروسات. على صعيد آخر، تواجه تركيا وضعا حرجا في محاولتها احتواء مرض انفلونزا الطيور بعد حالة وفاة مشبوهة جديدة فيما قررت اوروبا وآسيا اجراءات جديدة لتدارك أي انتشار لهذا المرض. وتبذل وزارة الزراعة التركية كل ما في وسعها لوقف الآنتشار السريع للفيروس الذي تسبب ب 18 اصابة وثلاث وفيات وانتقل منذ نهاية كانون الاول «ديسمبر» من شرق البلاد الى غربها حتى ابواب اوروبا وظهرت اصاباته في ثلث المحافظات التركية ال 81. وكان الموظفون المحليون في مناطق بودروم وميلاس ومرمريس (غرب) الواقعة على بحر ايجيه يجوبون القرى لتوزيع المطبوعات وتنظيم اجتماعات توعية في المقاهي. وعمموا تعليمات على القرويين وعلى جميع موظفي البنى التحتية السياحية تقضي بابقاء الدواجن في اماكن تربيتها التي تربى فيها واتخاذ كل اجراءات التعقيم وجميع الاحتياطات اللازمة عند لمسها. وتركيا هي البلد الوحيد من خارج الشرق الاقصى حيث سجلت وفيات بسبب فيروس «اتش5 ان1» وقد اسفر هذا الفيروس حتى الآن عن وفاة ثمانين شخصا منذ ظهوره في آسيا عام 2003. كما افاد مسؤول في مستشفى ديار بكر (جنوب شرق) لوكالة فرانس برس ان السلطات الصحية التركية تحقق في وفاة جديدة قد تكون على ارتباط بانفلونزا الطيور. واوضح المسؤول ارالب اريكان رئيس قسم الاحياء المجهرية في المستشفى الجامعي ان الامر يتعلق بفتاة عمرها سنتان ونصف السنة توفيت صباح الجمعة بعدما نقلت الخميس الى المستشفى وهي تعاني من مرض حاد في الرئتين وقد ارسلت عينات الى انقرة لتحديد سبب الوفاة بشكل دقيق. ووسعت فرنسا نطاق تطبيق اجراءات حصر الدواجن الى اكثر من نصف اراضيها ورفعت عدد المقاطعات المعنية بهذه الاجراءات من 26 الى 58 مقاطعة. واتفق وزيرا الزراعة الالماني هورست زيهوفر والفرنسي دومينيك بوسورو على «ابلاغ بعضهما بالاجراءات التي سيتم اتخاذها بشأن انفلونزا الطيور». وأبدى بوسورو «اهتماما» باقتراح نظيره الالماني ارغام المسافرين القادمين من البلدان التي طاولتها انفلونزا الطيور بتقديم بلاغ خطي الى الجمارك يؤكدون فيه انهم لا ينقلون دواجن ولا مواد محظورة. وستتعهد المفوضية الاوروبية من جانبها تقديم مساعدة بقيمة مئة مليون دولار او ثمانين مليون يورو الى البدان من خارج الاتحاد الاوروبي لمكافحة انفلونزا الطيور. وستعلن المفوضية هذا التعهد خلال مؤتمر البلدان المانحة المقرر عقده الثلاثاء والاربعاء في بكين برعاية الصين والاتحاد الاوروبي والبنك الدولي وستشارك فيه حوالى ثمانين دولة وعشرين منظمة دولية. كذلك طالب ممثلو 21 دولة بتسريع تأهيل خبراء في مرض انفلونزا الطيور في آسيا، بهدف تجنب او استيعاب احتمال انتشار الوباء. ودعت الدول المجتمعة برعاية منظمة الصحة العالمية، الدول الآسيوية الى «تعزيز قدراتها الوطنية لكشف مرض انفلونزا الطيور والتعامل معه فور ظهوره». وقال شيجيرو اومي مدير منظمة الصحة العالمية لمنطقة غرب المحيط الهادئ ان اجتماع طوكيو كان «فريدا من نوعه لانه تمحور حصرا على مشكلة احتواء» اي انتشار محتمل للمرض. ويخشى الخبراء الدوليون ان يحصل تبادل جينات بين فيروس انفلونزا الطيور وفيروس الآنفلونزا البشرية العادية، ما سيولد مرضا معديا جدا يمكن ان يتسبب بوفاة ملايين الاشخاص في العالم. وان كان هذا الاحتمال ما زال مستبعدا في الوقت الحاضر، الا ان مختبرا بريطانيا لاحظ تحولا في فيروس اتش5 ان1 لدى طفل تركي توفي من جراء اصابته. وقد اكد باحثو مختبر ميل هيل ان الطفل اصيب بشكل خطير من الفيروس يلتصق بالخلايا البشرية بسهولة اكبر منه بخلايا الطيور، غير ان منظمة الصحة العالمية اعتبرت ان الوقت ما زال مبكرا للاستنتاج بان الفيروس اصبح اكثر خطورة للبشر. وقالت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية ماريا تشنغ متحدثة لوكالة فرانس برس من جنيف «ليس لدينا اي معلومات توحي بان هذا الفيروس اكثر خطورة من الفيروسات الاخرى». واضافت تشنغ «شاهدنا تحولا عند نقطة ما في البروتينة التي تسمح للفيروس بالالتصاق بالخلايا البشرية لكن بما ان فيروسات الانفلونزا تتحول باستمرار فلا يسعنا ان نحدد ان كان هذا الامر سيكون له انعكاس». من جهة أخرى، حذرت منظمة الصحة العالمية من أن بريطانيا تعد الدولة الغربية الوحيدة الأكثر عرضة للتأثر بتداعيات مرض أنفلونزا الطيور حال انتقاله بين البشر. وذكرت شبكة سي ان ان الأمريكية «أن منظمة الصحة العالمية أرجعت السبب في ذلك إلى الكثافة السكانية العالية التي تتمتع بها بريطانيا فضلا عن الأعداد الكبيرة من الزائرين التي تتوافد على البلاد سنويا مما يجعلها عرضة لمخاطر جسيمة حال حدوث تحول في الصفات الوراثية لفيروس انفلونزا الطيور وأصبح عندها قادرا على الانتقال بين البشر». وتوقعت المنظمة إصابة نحو خمسة عشر مليون شخص بالفيروس في غضون ستة أشهر حال انتقاله بين البشر. يشار إلى أن منظمة الصحة العالمية توالي التحذير من أن فيروس انفلونزا الطيور المنتشر حاليا في بعض دول شرق آسيا يمكن أن تتغير صفاته الوراثية ليصبح أشد ضراوة وسهولة في الانتقال بين البشر مما ينذر باحتمال وقوع وباء عالمي يزهق أرواح نحو 50 مليون نسمة.