وكما لمسنا في حلقات سابقة فإن بداية نشأة الرياضة السعودية كانت أهلية في طابعها، وهو ما ينطبق تقريباً على كل البلاد الأخرى، غير أنه ومع تطور مرافق الدولة السعودية الفتية، وتزايد الحاجة إلى التنظيمات الحكومية لبعض الأنشطة في البلاد، فقد كان من الضروري أن تكون هناك جهة حكومية رسمية تشرف على الأنشطة الرياضية وتنظمها، تجاوبا مع التطور الأهلي الداخلي المتمثل في ازدياد اهتمام السعوديين بالرياضة وخاصة كرة القدم، وما نشأ عن ذلك من بعض الإشكاليات والخلافات، وتمشيا، مع حركة التطور العامة للبلاد، ومواجهة إمكانيات المشاركة الخارجية في المستقبل والتمهيد لها. ويبين "الزايدي" أن الحركة الرياضية في المملكة العربية السعودية قد توقفت ما يقارب سبع سنوات وذلك بقرار من الجهات الرسمية المعنية من عام 1358ه إلى عام 1365ه ، وذلك نتيجة للخلافات التي نشبت بين فريق الوطن وفريق الأهلي وكلاهما من مكةالمكرمة، وكذلك الأحداث التي صاحبت مباراة فريق الاتحاد وفريق "الهلال" البحري وكلاهما من مدينة جدة في عام 1355ه، مما أدى إلى تدخل الجهات الأمنية وصدر أمر "بوقف" ممارسة لعبة كرة القدم و "الرياضة" عموما"1"، وهو ما أكده "توتشل" الذي أشار إلى "حظر لعب كرة القدم" في "تلك الفترة" "2"، كان نتيجة لبعض المشكلات التي حدثت بين بعض الفرق الرياضية. ويعود الفضل في إعادة السماح بالألعاب الرياضية وتنظيمها ووضع أول لوائح ومسابقات لها إلى قيام الأمير/ عبد الله الفيصل وزير الداخلية في تلك المرحلة بإصدار أو تنظيم للرياضة بصورة رسمية تحت مسمى "الإدارة العامة للرياضة البدنية والكشافة" وذلك في عام 1372ه ، وتزويدها بمستشارين رياضيين أجانب "خاصة من مصر الشقيقة"، وانتداب بعض الشباب من السعوديين إلى مصر لتلقي دورات في التحكيم الرياضي وخاصة في كرة القدم، وقيامه بالتوجيه والإشراف على تنظيم مسابقات كرة القدم الرسمية لأول مرة في المملكة العربية السعودية في دوري عام تشرف عليه إدارة الشئون الرياضية بوزارة الداخلية "3". وقد اقتصرت المسابقات في البداية على الفرق الموجودة في مكةالمكرمةوجدة ثم تطورت لتشمل بقية أنحاء البلاد في المراحل التالية. وفي عام 1373ه ونظراً لما تواجهه الرياضة في تلك الفترة من اهتمام، ونظراً للفوضى وتضارب في الآراء بين الفرق الرياضية والمجهودات الفردية التي لا يربطها قانون أو نظام موحد ثابت ولتنظيم الرياضة وضمان مسيرتها، ولرفع مستواها، فقد قرر سمو الأمير عبد الله الفيصل وزير الداخلية في تلك الفترة وضع نظام جديد للرياضة ... وذلك بتكوين إدارة عامة للرياضة البدنية بوزارة الداخلية تتفرع عنها إدارات خاصة بالرياضات المختلفة للإشراف على الأنشطة الرياضية في المملكة العربية السعودية، وتشرف على سن القوانين للأندية والألعاب وتنظيم المسابقات والبطولات وإعداد الحكام ومراقبتهم وتقديم المساعدات الفنية وإعداد الملاعب والمدربين وتمثيل المملكة العربية السعودية في المؤتمرات والدورات العالمية "4" . كما كونت لجنة استشارية تعمل لدراسة السياسة الرياضية العامة وتقديم المقترحات للإدارة العامة للرياضة وتتكون هذه اللجنة من الشخصيات الرياضية البارزة والخبراء، الرياضيين ورؤساء الأندية الرياضية. "5". ولتحقيق التطور الرياضي المنشود وتمهيد الطرق والسبل الملائمة له، فقد ركزت قيادة الأمير عبد الله الفيصل في توجهاته وإرشاداته للرياضيين في الفترة التنظيمية الأولى للرياضة السعودية على ضرورة وأهمية التخلص من عنصر الخوف والتردد، وضرورة استبدال ذلك بالثقة في النفس والقدرة على تجاوز المصاعب من خلال تطوير الذات، ودفعها دوما إلى المحاولة المستمرة بهدف تحقيق الإبداع الرياضي الجماعي والفردي، كانت الثقة لدى رائدنا الرياضي تعني فيما تعنيه الثقة في الآخرين أيضاً، ومشاركتهم أفراحهم واتراحهم "6"، وقد كانت هذه المفاهيم الرياضية الرفيعة العنصر الأول الذي أدى إلى اقتحام آلاف من شباب الوطن المعترك الرياضي والتنافس الأخوي الشريف في تلك الفترة المهمة جداً من تاريخ تطور الرياضة السعودية. وتجدر الإشارة هنا إلى أن المملكة العربية السعودية - ممثلة في الرئاسة العامة لرعاية الشباب - الجهة الرسمية المسئولة عن الأنشطة الرياضية والشبابية بالبلاد - أكدت على أن الأندية الرياضية السعودية هي كيانات "أهلية" تدعمها الدولة، وتتابع نشاطاتها، وتطبق عليها القوانين والأنظمة واللوائح المعمول بها في الدولة. كما أكدت الرئاسة العامة على أن أهداف "7" الأندية الرياضية السعودية تنحصر في : 1 المساهمة في تكوين المواطن الصالح. 2 إنشاء وتهيئة الملاعب والوسائل الرياضية لممارسة الألعاب الرياضية بها ومن خلالها. 3 تنظيم الأنشطة الرياضية والثقافية والاجتماعية. 4 تشكيل الفرق الرياضية في مختلف الألعاب للمشاركة في المسابقات المحلية والخارجية وفقاً للبرامج والأنظمة التي تقرها إتحادات والمؤسسات الدولية الرياضية. "1" محمد الزايدي، (1381م)، فن كرة القدم، مطبعة التقدم، القاهرة، ص: 2."2" ك.س. توتشل، (1953م)، المملكة العربية السعودية وتطورات مصادرها الطبيعية، تعريب: شكيب الأموي، الطبعة الثانية، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، ص: 110."3" الزايدي، المرجع السابق. "4" صحيفة البلاد السعودية بتاريخ : 1373/7/24ه "5" المرجع نفسه. "6" عبد الرزاق سليمان ابو داوود، (1422ه)، الأمير عبدالله الفيصل والقيادة الانسانية والتربوية في : عبد الله المعطاني "محرر": الشاعر عبد الله الفيصل بين الحرمان وغربة الروح، الكويت، دار سعاد الصباح للنشر والتوزيع. "7" الرئاسة العامة لرعاية الشباب، (1395ه)، لوائح وأنظمة الأندية، الرياض، المطابع الأهلية، ص: 16. وإلى اللقاء في الغد إن شاء الله.