وتهل علينا هذه الأيام المباركة أيام عشر ذي الحجة وتأتي معها مواسم عظيمة تشتاق له النفوس المؤمنة وتنتظره عاما كاملا تحيي أيامه ولياليه انه موسم الحج العظيم إلى بيت الله الحرام ولهذا الموسم ذكريات عظيمة لدى الآباء والأجداد وممن عاصروا تقاليد الحج وعاداته قبل أكثر من 50 عاماً من الزمن حيث كانت الصورة في بيش وصبيا مختلفة تماما عما نشاهده اليوم حيث اختفت كثيرا من مظاهر الاحتفال بهذا الموسم العظيم واختفت معه الاستعدادات الكبيرة من قبل الراغبين في الحج من أهالي المنطقة والذين كانوا يستعدون لهذا الموسم منذ أكثر من ستة شهور ولنتعرف عزيزي القارئ على بعض عادات وتقاليد الحج في هاتين المحافظتين والأهازيج المصاحبة لذلك. وقد التقت الرياض بالعم الشيخ عبده بن محمد ياسين والبالغ من العمر 95 عاما والذي يعتبر من المعمرين بالمنطقة ليحدثنا عن الحج أيام زمان وأهازيجه فيقول من الأهازيج الشعبية الجميلة التي كان يرددها الحجاج في مثل هذه الأيام من الموسم قولهم روحنا من أمسعد به لا بندق ولا جنبيه وهذا معناه ان الحج موسم سلام وأمن واطمئنان وسعادة لا أحد يحمل فيه السلاح على أحد مهما كان. وقولهم كذلك اثناء تجهيز قعادة الحاج أو الكرسي الخشبي الخاص به والذي لا يجلس عليه غيره بعد عودته من الحج سالما غانما قولهم هذه الأهزوجة: كانت أيام السعادة يوم تجبيل القعادة وقولهم يوم تحبيل القعادة يقدمون للاشراف وسادة ومن الأبيات الشعبية التي يرددها الشعراء الشعبيون المشهورون في المنطقة مع دخول اول ايام الحج كما يقوم العم ياسين هذه الأهزوجة: الناس قد حجوا وبلغوا مرادهم وانا اللي لا حجيت ولا بلغت مرادي ياراحلين إلى منى بعشية ردوا السلام على أهل ذاك الوادي هل من عرفات نظرة حجة.. نال المنى منه ونال كل مراد لبسوا الثياب البيض لاتمام حجهم وانا لاجلهم لبست سوادي ذبحوا ضحاياهم وسالت دماؤها وأنا لأجلهم نحرت فوادي يازوار مسجد طيبة من كان منكم رائحا أو غادي اذا وصلتم سالمين فبلغوا مني السلام على أهل ذاك الوادي سلام على أهل طيبة كلهم الشيب والشيباب والأولاد ويقول العم ياسين أما النساء فيجتمعن في منزل الحاج ليلا فيما يسمى (بالوداع) وهو عبارة عن أناشيد وأهازيج شعبية تؤديها النساء المشاركات في الوداع وهن جالسات دون رقص وذلك تعظيما لجلال المناسبة وتقول الأهزوجة: ودعن بك مصطفايه خاليه كالسكرايه قط ما سون حكايه خاطرك ياأحمد حسن شانودع بالعزيز ذهب صافي من باريز كما تقول أهزوجة أخرى للشاعر أحمد بن عمر مفتاح في وداع الحجاج قديما وتقول الأهزوجة ودعت بك ياصلع حبني اليمين يابوعمر يامكتمل يارزين ودعت بك ودمع عني يجول هلت دموعي مثل هّل المطر راجفت قلبي يوم عقلي افتكر وقلت يهنا من جواره الرسول يوم الخميس الصبح جد الفراق لا تنتظر الا الدمع والعناق يدعي لهم بالعافية والقبول وقبل وصول الحاج بيوم أو يومين يرسل مبشر يسمى (الصايح) يبشر أهله بقرب وصوله صائحا بصوت عال (الحاج فلان يسلم عليكم) ويبشركم بقرب الوصول ويستقبل أهل الحاج الصايح استقبالا رائعا وجميلا ويمدونه بالهدايا والأموال ويذبحون له الذبائح ويقدمون له «البشارة» وهي عبارة عن هدية ثمينة مكافأة للصايح على نقل البشارة السارة بوصول الحاج سالما معافى من بيت الله الحرام.