نقلت صحيفة (الواشنطن بوست) في عددها الصادر أمس (الجمعة) عن مسؤولين أميركيين نفيهم أنهم استهدفوا التجسس حصراً على مؤسسات وأفراد من الجالية الإسلامية في أنحاء مختلفة من الولاياتالمتحدة بعد 11 سبتمبر. لكن اعترفوا بأنهم ضمن قوائم المواقع المستهدفة بالتجسس، مواقع تابعة لمؤسسات إسلامية ومواطنين إسلاميين في الولاياتالمتحدة بسبب افتراض أنهم أعضاء في جماعة القاعدة في الولاياتالمتحدة أو أنهم يقيمون في منازل في أحياء يعيش فيها المسلمون الأميركيون. وكانت مجلة (يو. أس نيوز آند وورلد ريبورت) الأميركية قد نشرت الأسبوع الماضي مقالاً عن الموضوع كشفت فيه للمرة الأولى قيام أجهزة الاستخبارات الأميركية بالتجسس على المؤسسات الإسلامية ومنازل المسلمين في الفترة التي تلت أحداث 11 سبتمبر مباشرة وحتى نهاية عام 2003. وأضافت المجلة أن السلطات الأمنية كانت تحاول التجسس على تلك المواقع بهدف الكشف عن إمكانية وجود ما ادعت أنها عمليات لتحضير أسلحة بيولوجية أو كيماوية أو حتى نووية بدائية فيها لشن هجمات جديدة على الولاياتالمتحدة. وأقر المسؤولون الأميركيون أن أجهزة التجسس الالكترونية التي نُصبت للتجسس على مؤسسات ومنازل المسلمين في الولاياتالمتحدة لم تكشف عن أية إشعاعات طوال فترة تنفيذ البرنامج ما أدى إلى وقف البرنامج في نهاية عام 2003. ونقلت (البوست) عن مسؤول في مكتب التحقيقات الفدرالي (أف. بي. آي) الرئيسي في واشنطن اعترافه بوجود برنامج التجسس ذاك، لكنه نفى أن يكون ذلك البرنامج قد استهدف المسلمين بعينهم. وقال: «لم نخرق أية قوانين، ولم نخرق الدستور ولم ندخل إلى الممتلكات الخاصة». ونقل عن مسؤول آخر قوله إنه في حين أن ذلك البرنامج «قد يبدو عبثياً الآن، ولكنه لم يكن يبدو كذلك في حينه. فكل المعلومات الاستخباراتية كانت تشير في حينها إلى أن هجوماً آخر كان قادماً ضدنا، وكان من المرجح أن ذلك سيقوم به أفراد تابعون لجماعة مثل تنظيم القاعدة وأنه سيتم مرة أخرى في الولاياتالمتحدة، بل وكان من المرجح أن ذلك الهجوم سيتم بسلاح بدائي». وتساءل المسؤول: «وبالتالي، أين تذهب للبحث عن مثل هذا؟». ورغم أن الكثير من عمليات التجسس تلك قد تمت من أماكن عامة مثل الشوارع وأماكن وقوف السيارات العامة القريبة من المؤسسات الإسلامية أو أماكن سكن المسلمين، فإن مجلة (يو. أس نيوز آند وورلد ريبورت) ذكرت أن ما يصل إلى 15 بالمئة من تلك العمليات تمت باقتحام حرمة الممتلكات الخاصة للمواطنين المسلمين الأميركيين مثل مواقع مواقف السيارات التابعة للمؤسسات الإسلامية أو مداخل بيوت المسلمين. وقد احتجت جماعات إسلامية أميركية وجماعات حقوق مدنية أميركية أخرى على هذا الكشف وتقدمت اثنتان منهما بطلبات للحصول على معلومات إضافية بموجب قانون حرية المعلومات. كما عقد مسؤولون من منظمات أخرِى اجتماعات مع مسؤولين في (أف. بي. آي) لبحث هذه القضية تحديداً وللإعراب عن استيائهم من مثل هذه الممارسات. وقال المحامي أحمد يوسف المدير القومي لمجلس الشؤون العامة الإسلامية في الولاياتالمتحدة تعليقاً على برنامج التجسس المذكور «إن المشكلة في مثل هذه التصرفات هي ترسيخ الشعور لدى الجالية المسلمة بأنها في موقع شبهة وأنها محاصرة، وهو شعور غير مساعد». وأضاف: «كيف يمكن للمسلمين في العالم العربي والإسلامي الاقتناع بجدية برنامج التحول الديمقراطي الذي تسعى إدارة بوش إلى تنفيذه في العالم العربي والإسلامي إذا رأوا مثل هذه التصرفات تمارس ضد مواطنين أميركيين لا لشيء سوى أنهم مسلمون؟».