في غياب تام لأي منافس واعتبارا من بداية هذا العام (2005م) وضعت شركة google.com أمام الملايين من مستخدمي محركها الضخم أكثر من ثماني مليارات صفحة متاحة للبحث في أرشيفها الالكتروني على الشبكة العالمية. وهي قفزة خدمية مهمة لصالح الباحثين عن المعلومات في فضاء الانترنت الذي لا تحده الحدود. وهي أيضا خطوة تعد طفرة تقنية هائلة للشركة التي تمكنت من تطوير إمكانات محركها إلى ضعف مكان عليه في العام الماضي متحدية بذلك كل منافسيها الذين أخذوا يتوارون واحد اثر الآخر. وقصة هذا المحرك تستحق أن تروى كواحدة من أشهر قصص النجاح في عالم الأعمال الالكترونية. وقد بدأت فكرة "قوقل" بسيطة على يدي طالبي الدكتوراه Larry Page وزميله Sergey Brin ، اللذين انشآ مكتبا صغيرا لإطلاق مشروعهما الحلم في مرآب للسيارات قبل حوالي ست سنوات. أما كلمة "قوقل" فتعني عدد بملايين المليارات، وفي كلمة Google تلاعب على كلمة googol، التي اخترعها Milton Sirotta، ابن أخت عالم الرياضيات الأميركي Edward Kasner، للدلالة على رقم 1تتبعه 100صفر. وبحسب تقنيات البحث التي يوظفها المحرك تظهر نتائج البحث أمام المتصفح في أقل من نصف ثانية ، ملبيا أكثر من 100مليون طلب يوميا لمستخدِمين قادمين من كل أنحاء العالم تقريبا. ويعمل في مشروع "قوقل" أكثر من 2000موظف، والأهم أن المحرك يوفر واجهات تطبيق محلية بلغات تزيد عن 104لغة ولهجة من بينها العربية. وبذلك تجاوز محرك "قوقل" بدايته المتواضعة كمشروع طلابي يعمل عليه طالبين ضمن اسم نطاق فرعي (http://google.stanford.edu) إلى أن أصبح اليوم اكبر محرك بحث على شبكة الانترنت واضعا خدماته تحت أكثر من 191نطاقا محليا لمختلف بلدان العالم.ويمتاز محرك "قوقل" عن كثير من المحركات باعتماده على تقنية تصنيف الصفحات بحسب الأهمية، عن طريق معادلة مكونة من 500مليون متغيّر وأكثر من ملياري عبارة. ولا تقتصر خدمات "قوقل" على البحث في النصوص والوثائق بل يقدم إمكانية البحث في الصور الموجودة على الانترنت ضمن أرشيف يضم أكثر من 880مليون صورة، وكذلك البحث عن الأخبار في أكثر من 4500مصدر أخبار حول العالم. وتستعد الشركة لإطلاق خدمات الأخبار بلغات مختلفة بدأتها هذا الشهر باللغة اليابانية والكورية. كما يوفر المحرك خدمات المشاركة والاطلاع على حوالي 850مليون رسالة في مجموعات "قوقل" للأخبار التي يبلغ عددها 35ألف مجموعة. ومن خدمات "قوقل" المجانية خدمة البريد الالكتروني التجريبية، وبرامج البحث في الأجهزة الشخصية عن الملفات والصور، ويجري الآن تطوير خدمات البحوث العلمية. هذا المحرك الحيوي الذي قدم الخدمات للملايين بات خبرا بحد ذاته، يتردد نشاطه في وسائل الإعلام، فعلى سبيل المثال ذكرت شبكة CNN أن محرك Google قام باستثناء 65موقعا ألمانيا من أرشيفه مع عدد آخر مماثل بالفرنسية لأسباب تتعلق ببعض الأفكار العنصرية ونشر الكراهية، وكما تشير التقارير فإن شركة "قوقل" تضطر من حين لآخر إلى أن تزيل بعض المواقع لتجنب القضايا القانونية. كما نشرت وسائل الأنباء قبل عامين خبر قيام الحكومة الصينية بحجب استخدام "قوقل" الذي يقدم ضمن خدماته خاصية البحث باللغة الصينية مما جعل السلطات الصينية تحجب الوصول لأرشيف "قوقل" منعا لمواطنيها من الوصول إلى مواقع مؤرشفة وصفت على أنها "حساسة". وبحسب الدراسات التسوقية فان شركة "قوقل" تهيمن الآن على أكثر من 70% من خدمات البحث عبر الانترنت، مما يعني أن سبعة من بين كل عشرة مستخدمين يستخدمون "قوقل" في بحثهم على الانترنت.. هذا هو "قوقل" تجربة ناجحة أمام المستثمر العربي، هذا المحرك الذي دخل قاموس اللغة بحيث باتت جملة Google him" تعبر عن البحث على الإنترنت. قصة "قوقل" تلخّص فضيلة المبادرة، وثمرة الانجاز في عالم التقنية حيث لا قيود على الإبداع ولا منافسة إلا في التطوير، والابتكار وهما العاملان اللذان نقلا فكرة "قوقل" من ميزانية متواضعة ومقر هو (جراج) للسيارات إلى مبنى عصري، ودخل سنوي يتجاوز مليار دولار كواحدة من أهم أعمدة سوق Nasdaq للأوراق المالية. ***مسارات*** قال ومضى: حق من حرمته كل الفرص، ألا تحاسبه على الانجاز.