أوضح عبدالعزيز الشريف الشنبري، أحد رموز ما يسمى بحركة الإصلاح المقيمة في لندن، أنه عاش تجربة صعبة منذ انضمامه للحركة. وقال في اتصال هاتفي مع جريدة الحياة: «عشت في دوائر استخبارية قذرة، وأخرى سياسية خبيثة تسيء إلى السعودية وللأمة». تذكرت بعد قراءتي للخبر مقولة لأحد السياسيين الذين كانوا يتبنون الفكر الماركسي، حينما سأله أحد الصحفيين، عن تخليه عن هذا الفكر: «أنا إنسان أتطور كل يوم. ومن يفعل غير ذلك، فهو لا يستحق أن يكون إنساناً. لقد اكتشفت أن الزمن تخلى عن الماركسية، فلماذا لا أتخلى أنا عنها؟!». إن من أجمل سمات الإنسان العاقل، حواره الدائم مع ذاته، ومراجعاته لكل مواقفه التي يتخذها بناء على قناعاته، وليس بناء على قناعات الآخرين الجاهزين. مثل هذا الإنسان لا يجد في تراجعه عن موقف كان يتبناه بإيمان شديد، أية غضاضة. فهذا الموقف ليس قرآناً ولا سنة، ومن الطبيعي والصحي أن يتراجع عنه، بدل أن يكابر ويجعل أخطاء تبنيه لهذه المواقف تتراكم شيئاً فشيئاً، إلى أن توقعه في منطقة المحظور التي ربما لن يستطيع أن يخرج منها. وفي هذا السياق العام لتراجع العديد من المنشغلين بالصراخ الشفهي أو الدموي ضد مسيرة بلادنا، فإننا يجب أن نقرأ المشهد قراءة موضوعية، وأن نقول لكل متراجع لجادة الصواب: «أنت شجاع، لأنك تخليت عن الشجرة الجرداء التي كنت تنعق فيها، دون أن ينالك سوى الحجارة، وتوجهت إلى الاشجار المثمرة، التي بإمكانك أن تغرد فيها كما تشاء، مثل بقية المغردين الذين يساهمون كل يوم في تعزيز الإصلاح الحقيقي».