لا يتحمل «البخت السيئ» كما يقولون مسؤولية تردي الأوضاع العربية، لكن الممارسات السيئة طوال امتدادها التاريخي هي التي آلت بالعالم العربي إلى مثل هذه الأوضاع المقلقة والمخيفة حتى أصبحت بعض الدول العربية أشبه بأقفاص من الأفضل أن تغلق على مساوئها لئلا تمتد تلك المساوئ إلى ما حولها. ليسوا بالعدد القليل من يعنيهم هذا التشخيص فمن لم يدخل القفص منهم بعد فالبوادر حوله تشير إلى أنه في الطريق إليه.. ما علينا.. لنأخذ نموذجاً صارخاً يُعلن عن واقعه المزري.. العراق.. أو صدام.. الإرهاب. وربما المقاومة.. أو الاحتلال الأمريكي للعراق.. أجزم أنه من الصعب أن تجد عربياً يبرئ صدام كحاكم ذهب بالأمور في دولته إلى مزالق الضياع، لكن أليس هذا الرجل في حاجة إلى وقفة تأمل ومقارنة فيما فعله بغيره.. وفيما فعله غيره آخر بغيره الخاص به.. صدام هذا منذ أطلق الرصاص على عبدالكريم قاسم وهرب سابحاً في النهر ثم راحلاً إلى سورية ومنها إلى مصر ثم عائداً فيما بعد لكي يرسم برمجة وصوله إلى السلطة.. عايشه حلم منذ باشر إطلاق الرصاص وبقي معه وهو يواجه الحرب مع إيران بل الحرب مع أحلام الخميني في تصدير الثورة واجتياح الخليج ثم تدمير قواته الذي يفترض معه أن تُدمر معنوياته بعد خروجه من الكويت.. ومع ذلك فمازال ذلك القوي الذي يتحكم بكل عبارة يقولها.. هل قدر العالم العربي مفاضلاته بين العناصر الأسوأ.. صدام أو الزرقاوي أو الأمريكيين.. ثلاثتهم لم يتحركوا بنوايا حسنة في العراق.. صدام كان قاسياً شرساً على خصومه.. الزرقاوي قاتلٌ مباشر لكل معارض أو موظف أو جندي حكومة، والأمريكيون لا يستطيعون التأكيد بأن ما فعله صدام في الدجيل هو أكثر قسوة مما فعلوه هم أنفسهم في سجن أبوغريب وجوانتانامو.. وإذا كان صدام قد كذب بادعائه كحاكم أنه كان يفرض أمن العراق وازدهاره فقد كذب الأمريكيون أيضاً عندما ادعوا أنهم أتوا للعراق لتفريغه من أسلحة الدمار الشامل التي لم تكن موجودة أصلاً، ومن يدري ماذا سيفعلون مع أحمدي نجاد فيما هم يتجاهلون وجود هذه الأسلحة في إسرائيل وحدها فقط.. لقد حاكم صدام حسين المحكمة، وأستطيع القول إنه قد وجد تجاوباً إلى حد ما.. وعندما قُطع صوته من المحطات الفضائية التي كانت تنقل تفاصيل المحاكمة فإن ذلك كان يعني الخوف من العبارات التي كان يقولها صدام.. الرجل الذي أقام الصلاة أثناء المحاكمة كي يوجد خطاً من الاتصال المعنوي بينه وبين من يقاوم باسم الإسلام..