الكثير من الذين زاروا مدينة لندن، لابد ان يكونوا قد مروا، أو زارو محلات هارودز الشهيرة، التي تعتبر من معالم لندن، ويعتبر هذا المتجر واحداً من اشهر المتاجر في العالم. هذا المحل وكذلك مستشفى شهير في لندن هو مستشفى كرومويل يقعان على شارع اسمه شارع كرومويل. ولكن كثيرين لا يعرفون من هو كرومويل؟ أوليفر كرومويل، ولد في 25 أبريل 1955م في هانتنغتون، هاندندتونشاير. أوليفر كرومويل كان رجلاً عسكرياً ورجل دولة بريطاني، وقد قاد الجيش البرلماني خلال الحرب الأهلية البريطانية، وكان لورد (Lord Protector) في انجلترا، اسكتلندا وكذلك ايرلندا من عام 1653 حتى عام 1658م. درس اوليفر كرومويل في جامعة كامبردج، وتزوج من الانسة اليزابيث بورشيير، وهذا جعله يرث املاكاً طائلة من خاله وكذلك من زوجته. في عام 1628 بدأ التاريخ السياسي لأوليفر كرومويل حين تم انتخابه عضواً في البرلمان. في عام 1641م، قام كرومويل بمساندة الجيش والبرلمان ضد الملك تشارلز الاول، وقد قاد ذلك إلى إعدام الملك تشارلز الاول، في مشهد مأساوي، وقد تم تمثيل هذه الفترة من التاريخ البريطاني في فيلم قبل عدة اعوام، ومن المشاهد المؤلمة. أن تشارلز الاول الذي رفض أن يتنازل عن العرش، بحكم أن الله اختاره ليصبح ملكاً، وليس مستعداً ان يتنازل عن ما اختاره الله له..! فكانت النتيجة أن تم اعدامه، وقد وقف كرومويل خلف الملك اثناء قتله، وأخذ يطلخ يديه بدماء الملك ويرفعها للحشود قائلاً: انظروا إن دمه احمر مثلنا.. مثل كل الناس، ليس دمه ازرق، كما كان يعتقد الناس..! بعد ذلك اصبح أوليفر كرومويل رئيساً للمجلس الجمهوري لبريطانيا، وهذه الفترة القصيرة التي اصبحت فيها بريطانيا جمهورية، ولكن بعد ذلك عادت الاسرة المالكة الى الحكم بعد ان طلب الناس من العائلة العودة الى الحكم مرة اخرى، وبذلك انتهت فترة تاريخية مؤلمة من التاريخ البريطاني، كانت هناك حرب اهلية، وإعدام ملك بريطانيا، وتحول الدولة الى النظام الجمهوري لفترة وجيزة. وتوفي اوليفر كرومويل في 3 سبتمبر 1658م في لندن. اوليفر كرومويل كان يعاني من نوبات ذهانية (Psychotic Episodes)، وكان رجلاً غريب الاطوار، حفظ الانجيل، وكان يعاني من هوس ديني، وكان من الذين اصطدموا برجال الدين في بريطانيا، وكان من الذين لا يطيعون السلطات، وكان دائم العصيان للمسؤولين والسلطات، وكان يعتقد بأنه شخص مختار من قبل الله ليحكم بريطانيا، لذلك استطاع اقناع الكثيرين بهذا الأمر، وهنا الخطورة، فرغم أنه من عائلة ارستقراطية، وعائلته لها مكانة مميزة بين العائلات الارستقراطية في السياسة البريطانية الا ان مرض كرومويل العقلي، جعله يقنع الآخرين بأنه شخص اختاره الله ليحكم بريطانيا، وقد تبعه أشخاص كثيرون، خاصة بعد أن اصبح قائد الجيش البرلماني الذي قاد التمرد ضد الملك وأعدم الملك تشارلز الأول. هنا تكمن خطورة الامراض العقلية التي تلعب دوراً خطيراً في كثير من الاوقات، فمرض اوليفر كرومويل بالهوس الديني، وهو للأسف ليس مرضاً نادراً، وكثيراً من الاحيان قد لا يعرف الاشخاص العاديين بأن هذا مرض بل يصدقونه، ويتعاونون معه، لذلك فإن خطورة الامراض العقلية المرتبطة بالدين، مثلما كان مع اوليفرا كرومويل، والذي كان حافظاً للانجيل واستخدم الدين لتعويض أكبر ملكية في العالم في ذلك الوقت، وحول اكثر الملكيات قوة ورسوخاً الى جمهورية، وكان شجاعاً نتيجة مرضه الذي يجعله لا يقدر ما النتائج التي قد يترتب عليها أفعاله.. لذلك كان يعتقد بأن الله معه، ولن يخذله، وللاسف اقتنع به الكثير من الناس في ذلك الوقت، واستطاع تحويل بريطانيا الى جمهورية واصبح الشخص الأول بما يعادل رئيس الجمهورية، ولكن بعد ذلك اكتشف المحيطون به غرابة اطواره ومرضه فنفوه الى احدى الجزر النائية، وعاد ليموت في لندن.. بعد أن غير تاريخ بريطانيا وجعلها جمهورية بدلاً من ملكية عتيدة في ذلك التاريخ. إن الامراض العقلية مثل هذه الامراض التي لا يعرفها الا الاشخاص المتخصصون في الصحة النفسية، وكثيراً ما نواجه اشخاصاً يدعون بأنهم انبياء أو ملوك أو اشخاص مشهورون تحت وطأة المرض. وهذا الذي قام به اوليفر كرومويل دليل ملموس على خطورة الامراض العقلية وما قد يترتب عليها من أفعال ومشاكل ربما تكون خطيرة، لأن المريض العقلي بمثل هذه الامراض لا يقدر الامور ومتهور جداً بحيث إنه لا يعرف الخطر ومستعد للموت من اجل افكاره المرضية.. لذلك يجب أخذ الامور بجدية عندما تظهر بعض الاعراض النفسية على أي شخص كان..!