كانت آخر مرة القى فيها الرئيس جورج بوش خطاباً رئيساً من المكتب البيضاوي في البيت الابيض في الليلة التي بدأ فيها غزو العراق في مارس عام 2003 عندما كان يتوقع انتصاراً حاسماً وامتناناً من شعب محرر وبعد ثلاثة وثلاثين شهراً من ذلك وبعد ان تجاوز عدد القتلى من الجنود الأمريكيين في العراق اكثر من 2100 قتيل بقي الرئيس متوقعاً احراز انتصار في العراق غير ان نبرته كانت اقل حدة واكثر واقعية. فقد وجد الرئيس نفسه هذه المرة خلال بحلقته مرة اخرى في الكاميرات من طاولة رئاسية عمرها مائة وخمسة وعشرون عاماً تسمى ريزوليوت «عاقد العزم» يجادل اولئك الذين يعتقدون بأن الحرب لم تحقق انتصاراً وقد كان الرئيس الذي تمتع بتأييد شعبي قوي عند اطلاقه لأول دفعة من الصواريخ على بغداد الليلة الماضية مطارداً بآلام متتالية من ميدان القتال في الخارج وبتدني شعبيته في الداخل. واعترف الرئيس بوش في كلمته قائلاً: ان هذا العمل صعب للغاية في العراق وانه اكثر صعوبة مما كنا نتوقع وان جهود اعادة الاعمار وتدريب قوات الامن العراقية تسير على نحو اكثر بطءاً مما كنا نأمل وسنستمر في رؤية اعمال عنف ومعاناة يسببها عدو عاقد العزم ووحشي لا يتقيد بضمير او قوانين الحرب. وبالنسبة لرئيس مقاوم تقليدياً للاعتراف بأخطاء من شأنها ان تؤدي الى تغيير سياسي قوي للطريقة فقد شرع الرئيس في حملة لاعادة الحرب مرة اخرى الى دائرة الاهتمام بتقييم اكثر واقعية للأخطاء وللتحديات المنتظرة. وانهت الكلمة الوطنية للرئيس الليلة الماضية سلسلة من الكلمات استغرقت اسبوعين لحث الشعب الأمريكي على الوقوف الى جانبه وينسوا شكوكهم ويتعلقوا بالامل من انتخابات العراق الاسبوع الماضي وان يعلموا بأن الامور الكبيرة تأتي بالتضحيات. وخاطب الرئيس بوش معارضي الحرب بنبرة تصالحية تقريباً مقراً بأن هذه الحرب مثار نقاش وقائلاً بأنه استمع الى اولئك الذين يختلفون معه وان ادارته ستواصل الاستماع الى النقد المخلص البناء وتقوم باجراء كل التغييرات اللازمة للمساعدة في اكمال المهمة. ومع ذلك فقد اوضح الرئيس بجلاء لمعارضيه في الحرب بأنه يرى طريقتهم في ذلك بالكارثية للبلاد ولفت الانتباه الى الفرق بين المنتقدين المخلصين الذين يرون ما هو خطأ وبين اولئك الانهزاميين الذين يرفضون رؤية أي شيء صحيح. والمح الرئيس بوش بأنه لن يغير من اعتقاداته الجازمة عن قيمة الحرب وارتباطها بحملة اكبر لمواجهة الإرهابيين المتطرفين مهما كان الخلاف حولها. ولقد تباينت ردود الفعل تجاه كلمة الرئيس الأخيرة بشأن حرب العراق فقد قال الميجور بالجيش الأمريكي تامي دكوورث الذي أصيب بإعاقة في العراق ويعتزم الترشح للكونغرس كديمقراطي في مقابلة مع شبكة أيه.بي.سي التلفازية إن استعادة ثقة الكثيرين في حرب العراق جاء متأخرا فانه عندما يتم إبلاغ جنود للمشاركة في هذه الحرب فانه يتعين إبلاغهم أيضا الأشياء التي تحتاج إليها لإنجاز هذه المهمة كما ينبغي إبلاغهم بوضوح الموعد الذي ستنتهي فية هذه الحرب مضيفا ان تلك الأشياء كان يتعين إعدادها حتى قبل إرسال جنود إلى العراق. وفيما يتعلق بالعراق فانه يبدو أن البيت الأبيض اصبح الان أكثر رغبة في تجنب الخلافات السياسية والتوقعات فقد قال مستشار الأمن القومي استيفن هادلي في اخر مقابلة معه انه ليست بالأمر المفاجئ أن يحتاج بناء عراق جديد وقتا طويلا بعد عقود من الحكم المستبد مضيفا بأنه بانضمام العراقيين السنة مؤخراً للمسيرة السياسية فانه لايمكنك أن تتوقع على نحو حقيقي بتدني أعمال العنف في العراق وان الأمر سيستغرق شهورا قبل توقع رؤية بعض الانخفاض في هذه الأعمال. غير انه يبدو في واقع الأمر بأنه لم يحدث تدن في أعمال العنف حتى بالأمس القريب حيث قتل أكثر من ثلاثين شخصاً في سلسلة من التفجيرات الانتحارية واعتداءات أخرى. وان مثل هذه الأحداث ستؤثر بشكل اعمق في الشعور الأمريكي أكثر من كلمة المكتب البيضاوي للرئيس. واشنطن بوست